المستجمعة لجميع شرائط التأثير.
وأمّا القدرة بالمعنى / ٨٩DB / ـ المشهور ـ أعني : امكان الصدور واللاصدور بالنظر إلى الذات ـ ، فالحقّ ثبوت عمومها له ـ تعالى ـ بلا واسطة ـ كما أشرنا إليه مرارا ـ لما ثبت بالبراهين من أنّ كلّما يصدر عن الواجب فانّما يصدر عنه بالقدرة بهذا المعنى دون الايجاب المقابل له ، وإذا انتهى سلسلة الموجودات إليه ـ تعالى ـ فلا يخلوا موجود من كونه صادرا عنه أو صادرا عمّا صدر عنه ، والصادر عن الصادر عن الشيء ممكن الصدور عنه ، فكلّ موجود إمّا مقدوره أو مقدور مقدوره ، ومقدور المقدور للشيء مقدور لهذا الشيء بالنظر إلى ذاته. وتخلّل الوسائط إنّما هو للمصالح الراجعة إلى نظام الخير أو لقصور بعض الممكنات عن استفاضة الوجود بدون الواسطة.
ثمّ ما يدلّ على ثبوت عموم قدرته بهذا المعنى بالنسبة إلى الممكنات الموجودة ـ أي : كون الجميع ممكن الصدور والعدم بالنظر إلى ذاته في جميع الاوقات ، ووجوب وجوده في وقت حدوثه انّما هو للعلم بالأصلح ـ يدلّ بعينه على ثبوت عموم قدرته بالنسبة إلى الممكنات المعدومة ـ أي : كون جميعها ممكن الصدور واللاصدور بالنسبة إلى ذاته تعالى ـ ، ووجوب عدم صدورها انّما هو للعلم بالأصلح. وان استند عدم بعض إلى عدم بعض آخر فانّما هو لقصوره أو للمصلحة الراجعة إلى نظام الكلّ.
ويمكن أن يكون عدمه مستندا إليه ـ تعالى ـ نظرا إلى ذاته ، لأنّ جميع اعدام الموجودات لا يخلوا من أن يكون مستندا إليه ـ تعالى ـ أو مستندا إلى عدم ينتهي بالأخرة إليه ـ تعالى ـ ، والمستند إلى المستند إلى الشيء مستند إلى هذا الشيء ، فيمكن أن يكون عدم كلّ معدوم مستندا إليه ـ تعالى ـ بالنظر إلى ذاته. وإذا استند إليه ـ تعالى ـ يكون الاستناد على سبيل القدرة والاختيار بالمعنى المشهور ، لما تقرّر من البراهين من أنّ تأثيره انّما هو بالقدرة بهذا المعنى.
وقد تلخّص ممّا تقرّر انّ الحقّ في هذه المسألة انّ القدرة بمعنى صحّة الصدور واللاصدور بالنظر إلى الداعي في بعض الاوقات ـ أي : القدرة الملزومة للحدوث ـ ، فعمومها ثابت بشرط أن يكون المراد اثبات عمومها بالنسبة إلى جميع الممكنات سواء