الأصغر ، وهو يقتضي أن يكون البرهان منحصرا في الاقترانى الحملي لعدم اصطلاحهم هذه الحدود ـ أعني : الأوسط والأصغر والأكبر ـ في غير الاقترانى الحملي من الاقيسة ، مع انّهم صرّحوا بأنّ البرهان هو القياس المؤلّف ـ وهو اعمّ من أن يكون استثنائيا أو اقترانيا حمليا أو شرطيا ـ ، ففي ظاهر كلامهم تدافع ؛
قلنا : ملاحظتهم لحال الحدود المختصّة بالاقترانى الحملى مسامحة منهم. والباعث على تلك المسامحة كون الاقتراني الحملي أعرف من ساير الأقيسة وظهور امكان ارجاعها إليه ، فكان غيره من الأقيسة حملي اقتراني بالقوّة مشتمل على تلك الحدود.
والحاصل : انّ اللمّ والإنّ من الاقسام الأولية للبرهان ويتأتّى في جميع الأقيسة من الاستثنائى والاقتراني والشرطي ، إلاّ أنّ جعلهم مناط التقسيم ما يختصّ بالاقتراني الحملي لأعرفيته وامكان ارجاع غيره إليه. والجواب بانحصار البرهان في الاقترانى الحملي وجعل تعريفه على الوجه الأعمّ مسامحة. إذ الاعتراف بعموم البرهان والتزام انّ اللمّ والإنّ ليسا من اقسامه الاوّلية بل من اقسام أحد أنواعه ـ اعني : الاقترانى الحملي ـ فلا ينحصر البرهان بهما وتقسيمه إليهما أوّلا على / ٢٢DA / سبيل الحصر مسامحة يخالف قواعد القوم واصولهم ـ كما لا يخفى ـ.
وامّا ثانيا : فلانّ دعوى أنّ العلم اليقيني بذي السبب لا يحصل إلاّ من العلم بسببه ممنوعة ، فانّه يجوز أن يحصل العلم القطعي بوجوده من الاحساس أو الالهام أو الكشف أو الحدس أو اخبار من علم صدقه بالبرهان. وأيضا نحن نقطع من وجود معلول وجود علّة له ـ كما هو شأن برهان الإنّ ـ وإن كانت لتلك العلّة علة أيضا ، فلا ينحصر طريق العلم بذي السبب في جهة العلم بالسبب.
وأمّا ثالثا : فلانّ الواجب ـ تعالى شأنه ـ ممّا ليس له علّة وسبب ، فالبرهان الإنّ فيه برهان فيما سبب له ، فيفيد العلم اليقيني وهو ظاهر.
ويرد على الثاني ـ أعنى : كون العلم بالعلّة موجبا للعلم التامّ بالمعلول بخلاف العكس ـ : انّ ايجاب العلم بالعلّة للعلم التامّ بالمعلول انّما هو مسلم إذا كانت العلة تامّة وعلمت على الوجه التامّ ـ أي : بذاتها وحقيقتها المعينة مع جميع لوازمها وملزوماتها