مسبوقية زمانية مسبوقية وجودها من حيث هي هي بعدمها ، والمطلوب كذلك ؛ بل لو كانت لها افراد متعاقبة غير متناهية كلّ منها مختصّ بزمان يكون لا محالة زمان وجود الطبيعة غير متناه ؛ لكن لا وجودا واحدا بالعدد مستمرّا من الأزل إلى الأبد ، بل وجودا مبهما ، وذلك كاف في قدمها بل نقول. على ذلك التقدير لا يكون شيء من وجوداتها الخاصّة مسبوقا بعدمها المطلق بالزمان ، إذ ليس لذلك العدم زمان يتحقّق فيه لا بحسب الخارج ولا بحسب التوهّم ، فلا يكون حادثة البتة.
فان قيل : قد تقرّر انّه إذا كان حكم ثابتا لأفراد شيء على جميع تقادير وجود الفرد ـ أي : سواء كان معه وجود سائر الأفراد أم لا ، كاحتياج الممكن إلى الموجب ـ فلا يختلف الكلّ الافرادي والمجموعي في ذلك الحكم ، والمسبوقية الزمانية بالعدم هناك كذلك ـ أي : ثبت لأفراد الفعل المطلق على جميع تقادير وجود الفرد ـ ، فيكون مجموع الأفراد أيضا مسبوقا بالعدم ، فالطبيعة تكون إمّا حادثة أيضا وإمّا موجودة بدون فرد ، هذا خلف! ؛
قلنا : ليس كذلك ، إذ لو قدر وجود فرد من تلك الأفراد مقرونا بوجود سائر الافراد الغير المتناهية المختصّة كلّ منها بقطعة من الزمان لم يكن مسبوقا بالعدم البتة ، كما لو فرض جوع شخص واحد مقرونا بجوع ساير الاشخاص لا يمكن شبعه برغيف واحد ، بخلاف الممكن الواحد ، إذ لو فرض كونه مقرونا بسائر أفراد الممكن لا يرتفع عنه الاحتياج إلى الموجب ؛ انتهى.
وأنت تعلم انّ هذا الكلام بطوله لا يفيد شيئا! ، ودفعه ظاهر ممّا ذكرناه. ويكفى في دفعه انّ تلك الافراد الغير المتناهية إن كان مجموعها بحيث لا يشذّ عنها شيء مسبوق بالعدم لكانت الطبيعة أيضا كذلك ، فثبت حدوثها ، وإن لم يكن مجموعها مسبوقا بالعدم لم تكن حادثة ، هذا خلف!.
وما ذكره من انّ المجموع هنا ليس مسبوقا بالعدم ولا يلزم منه نفي حدوث كلّ واحد ـ لأنّ حكم / ٦١DB / المجموع هنا يخالف حكم الآحاد قياسا على كلّ واحد والمجموع في الشبع وعدمه رغيف واحد ـ فمردود بانّ حكم المجموع والآحاد هنا حكم