الداعي أو الصوارف إلى فعله وتركه على السّواء.
والخامس : الفاعل بالعناية ، وهو الّذي يكون فعله تابعا لعلمه بوجه الخير والصلاح فيه بحسب الواقع ونفس الأمر ، ويكون علمه بوجه الخير كافيا لصدوره عنه من غير قصد زائد على العلم.
والسادس : الفاعل بالرضا ، وهو الّذي يكون علمه بذاته ـ الّذي هو عين ذاته ـ سببا لوجود الاشياء ، ونفس معلومية الاشياء له نفس وجودها عنه بلا اختلاف ، واضافة عالميته بالاشياء هي بعينها اضافة فاعليته لها بلا تفاوت لا في الذات ولا فى الاعتبار بل في اللفظ والتعبير. فالفرق بين الفاعليّة بالعناية والفاعليّة بالرضا هو ان الافاضة والايجاد غير العلم في الأوّل وإن كان تابعا ولازما له ، فانّ المراد به ان تمثّل جميع الموجودات من الازل إلى الابد في علمه ـ تعالى ـ مع الاوقات المترتّبة الغير المتناهية الّتي يجب ويليق أن يقع كلّ موجود منها في كلّ واحد من تلك الاوقات في ذاته ـ تعالى ، أي : علمه بها لازم لذاته لا يتصوّر تخلّفه عنها ـ. وهذا التمثيل مقتض لافاضة ذلك النظام على ذلك الترتيب والتفصيل ، بحيث لا يجوز عدم افاضته اصلا ، والافاضة على هذا صفة متعلّقة بالموجودات من حيث كونها في الاعيان ، والتمثيل متعلّق بها من حيث كونها في العلم فهما متغايران ؛ احدهما متبوع وعلّة والآخر تابع ولازم.
ولشمول هذا التميل بالعناية الازلية يسمّيه بالارادة.
وأمّا على الثاني ـ أي : القول بالفاعلية بالرضا ـ فالإفاضة هو نفس العلم ولا تغاير بينهما بوجه ، بل انكشاف الاشياء للواجب هو بعينه ظهورها في أذهاننا ؛ فكذا انكشاف الاشياء للواجب هو بعينه وجودها في الخارج.
وهذه الثلاثة الأخيرة مشتركة في كونها فواعل بالاختيار.
وإذا علمت ذلك فاعلم! انّ بعض الدهريين والطبيعيين ـ خذلهم الله ـ ذهبوا إلى أنّ الواجب فاعل بالطبع ؛
وجمهور المتكلّمين ذهبوا إلى انّه فاعل بالقصد ؛
والشيخ الرئيس ومتابعوه ذهبوا إلى أنّ فاعليته للأشياء الخارجية بالعناية ، و