بعوارض مشخّصة معيّنة ، ويجوز أن يكون هي في ضمن تلك العوارض المشخّصة معدّة ـ لكونها محفوفة بعوارض مشخّصة أخرى ـ ، ولا امتناع في ذلك اصلا.
والحاصل : إنّ الطبيعة النوعية يجوز أن تكون متقدّمة ومتأخّرة بحسب الزمان ، ولا يجوز أن تكون متقدّمة ومتأخّرة بحسب الذات ، فانّ الوحدة النوعية وحدة ابهامية بحسب الحصول في ضمن افرادها الواقعة كلّ منها في جزء من أجزاء الزمان ، وليست ابهامية بحسب وقوعها في نفس الدهر ؛ بل هي وحدة ابهامية زمانية ووحدة شخصية دهرية ، فكيف يجوز كونها بحسب وقوعها في نفس الأمر متقدمة ومتأخّرة؟! ؛ انتهى.
اقول : إن شئت تحقيق الحقّ في هذا المقام فاستمع لما يتلى عليك من الكلام!. ولا بدّ أوّلا من تحرير مذهب الحكماء والمتكلّمين في الوجود ثمّ تلخيص مطلب هؤلاء الفضلاء من الموردين والمجيبين ، ثمّ الاشارة إلى ما هو الحقّ.
فنقول : مذهب الحكماء في الوجود ـ كما حرّره بعض الاذكياء (١) ـ : انّ للوجود مفهوما واحدا مشتركا بين الوجودات الخاصّة ، والوجودات الخاصّة حقائق مختلفة متكثّرة بأنفسها لا بمجرّد عارض الاضافة ـ ليكون متماثلة متّفقة الحقائق ، ولا بالفصول ـ ليكون الوجود المطلق جنسا لها ـ ، بل هو عارض لازم لها كنور الشمس ونور السراج ، فانّهما مختلفان بالحقيقة واللوازم مشتركان في عارض النور ؛ وكذا بياض الثلج والعاج ، بل كالكمّ والكيف المشتركين في العرضية ، بل الجوهر والعرض المشتركين في الامكان والوجود. إلاّ انّه لمّا لم يكن لكلّ وجود اسم خاصّ ـ كما في أقسام الممكن واقسام العرض ـ توهّم انّ تكثّر الموجودات وكونها حصّة حصّة انّما هو بمجرّد الاضافة إلى الماهيّات المعروضة بها ـ كبياض هذا الثلج وذاك ونور هذا السراج وذاك ـ ، وليس كذلك ، بل هي حقائق متخالفة متغايرة مندرجة تحت هذا المفهوم العارض لها الخارج عنها واذا اعتبر تكثّر ذلك المفهوم وصيرورته حصّة حصّة باضافته إلى المهيات فهذه الحصص أيضا خارجة عن تلك الوجودات المتخالفة الحقائق ؛ فهناك أمور ثلاثة :
__________________
(١) راجع : الدرّة الفاخرة ص ٢ ، تجد العبارة حرفيا فيه.