موجود ، وتحقّق ايجاد ما يتوقّف أيضا على تحقّق هذه الموجودات ، لانّ الغرض عدم موجود خارج عنها حتّى يكون موجدا لها.
وقال المحقّق الخفري في بيان لزوم الدور : لانّ تحقّق موجود ما يتوقّف على هذا التقدير على تحقّق ايجاد ما وبالعكس.
ولا يخفى انّه لو اراد من « موجود ما » مجموع الموجودات من حيث هو مجموع ليرجع إلى ما ذكرناه ، ولو أراد ما هو الظاهر منه فقال الفاضل السمّاكي : فاللازم منه لزوم التسلسل لا الدور ، إذ على تقدير عدم تحقّق الواجب يكون تحقّق موجود ما متوقّفا على ايجاد سابق عليه ـ أي : على وجود علّته ـ ، ويكون تحقّق ذلك الايجاد متوقّفا على تحقّق موجود آخر لا على ذلك الموجود المتوقّف على ذلك الايجاد ، فيلزم التسلسل ، لا الدور.
وقال سيّد الحكماء في تصحيح لزوم الدور لا التسلسل والجواب عن ايراد السمّاكي (١) : انّ طبيعة الايجاد متأخّرة عن طبيعة الوجود تاخّرا ذاتيا ، لأنّها طبيعة ناعتية يستحيل قيامها بذاتها ، فهي انّما يكون وصفا لشيء والوصف الايجابى سواء كان في الموجبة المحصّلة أو الموجبة المعدولة أو الموجبة السالبة المحمول متأخّر عن وجود الموضوع ، فيقتضى محلاّ موجودا يقوم به ـ لأنّ ثبوت صفة لشيء فرع ثبوت الموصوف في نفسه ـ فطبيعة الوجود متقدّمة على طبيعة الايجاد. وعلى تقدير عدم وجود الواجب اتصاف طبيعة الممكن بطبيعة الوجود لا يكون إلاّ بعد تعلّق الايجاد بها وقيامه بها ، فهي يحتاج إلى طبيعة الايجاد وتتأخّر عنها ، فالدور لازم بين الطبيعتين. بخلاف ما لو كان الواجب موجودا ، فانّ طبيعة الوجود حينئذ لا يتوقّف على طبيعة الايجاد لقيام فرد من الوجود بذاته من دون افتقاره إلى طبيعة الايجاد ، وهو الوجود الواجب.
ثمّ قال : لا يقال : على ما ذكرتم يلزم توقّف طبيعة الوجود أيضا على نفسها ، لأنّ اتصاف شيء بها يتوقّف على وجود ذلك الشيء بعين ما ذكر ؛
لانّا نقول : لا يتمّ ذلك في طبيعة الوجود مطلقا ، لانّها ليست طبيعة ناعتية حتّى
__________________
(١) الاصل : ـ والجواب عن ايراد السمّاكي.