الانفكاك / ٤١DA / والانفصال بين الواجب وبين العالم لا يبطل القدم ، ومجرّد ثبوت تناهى العالم لا يكفي لذلك.
قلنا : القائلون بالقدم متفقون على عدم تناهي العالم من جانب البداية ، والقدم عندهم مفسّر بعدم تناهي العالم ، لا بمعيته للواجب ـ تعالى ـ في الوجود وعدم الانفصال بينهما في الخارج ، لأنّ وجود الواجب ـ تعالى ـ ليس زمانيا ، فلا معنى لاتصال العالم به وانفكاكه عنه. ولا جائز أن يوصف بمعيته له أو تأخّره عنه ـ سواء كان العالم / ٤٢MA / متناهيا أو غير متناه ـ. وإذا كان مرادهم بالقدم هو عدم تناهى العالم فاذا ثبت تناهيه يبطل القدم ؛ ولم يجوّز أحد من الحكماء القائلين بالقدم الزمانى للعالم كونه متّصلا بالواجب ـ تعالى ـ في الخارج مع كونه متناهيا من جانب البداية.
فان قيل : ليس المراد بالانفصال والانفكاك أن يتحقّق زمان يصحّ أن يقال : كان الواجب فيه ولم يكن العالم ، وكذا ليس المراد بالاتصال والمعية أن يتحقق زمان يصحّ أن يقال : كان الواجب والعالم فيه معين متقارنين ؛ بل المراد بالأوّل وقوع انفكاك يصحّح القول بانّه كان الواجب في الواقع والخارج ولم يكن العالم فيه ، والمراد بالثاني ثبوت تلازم يصحّح القول بانّه كلّما كان الواجب موجودا في الخارج كان العالم موجودا معه ؛ فالمراد بالحدوث هو الأوّل وبالقدم هو الثاني ، سواء كان العالم متناهيا أو غير متناه.
قلنا : مجرّد التلازم بين الواجب والعالم في الوجود الخارجي ـ وإن كان العالم متناهيا ـ ليس قولا بالقدم ، ولذا لم يقل به أحد من الحكماء القائلين بالقدم كما لم يقل به أحد من المليين القائلين بالحدوث. والسرّ انّه يستلزم تناهي بقاء الواجب ـ تعالى شأنه ـ ، لانّه إذا صدق انّه كلّما كان الواجب موجودا كان العالم موجودا وكان وجود العالم متناهيا فكان وجود الواجب أيضا كذلك.
ولا يقال : انّ وجود الواجب لا يتصف بالتناهي وعدم التناهي ، فلا يلزم الفساد المذكور ؛ لأنّا نقول : لمّا كان وجود الواجب ـ تعالى شأنه ـ في الواقع والخارج بحيث