خروجها إلى الوجود ـ ، وكون جميعها في حكم واحد في طريان العدم لا يثبت إلاّ جواز عدمها راسا في الجملة لا مع خروجها إلى الوجود انتهى ؛ مردود باختيار الشقّ الأخير ومنع عدم امتناع (١) الممكنات رأسا مع خروجها إلى الوجود ، لان امتناع عدم الممكنات رأسا مع خروجها إلى الوجود إمّا أن يكون لذاتها ـ فيلزم انقلاب الحقيقة من الامكان الذاتي إلى الوجوب الذاتي ـ ؛ وامّا أن يكون بسبب الجاعل الخارج ـ فيثبت الواجب لذاته ـ. وبالجملة امتناع عدمها مع خروجها / ١٧MB / إلى الوجود ليس لذاتها ، بل بملاحظة الخارج وهو الواجب لذاته. ولأنّ الشيء باعتبار الوجود لا ينفكّ عن الوجوب السابق والوجوب اللاحق ، فكل موجود يتوقّف على الوجوبين. أمّا توقفه على الوجوب السابق فلأنّه عبارة عن ارتفاع جميع انحاء العدم قبل الوجود ، ومعلوم بالضرورة انّه ما لم ينسدّ جميع انحاء العدم عن الشيء قبل وجوده لم يمكن أن يصير موجودا ، وأمّا توقّفه على الوجوب اللاحق فلأنّه عبارة عن الظهور بشرط المحمول / ١٧DB / ـ اي : ارتفاع جميع انحاء العدم عن الشيء وقت الوجود ـ ، والبديهة قاضية بأنّه ما لم يرتفع جميع انحاء العدم عن الشيء وقت وجوده لم يوجد ، وإذا توقّف الوجود على الوجوبين فالوجوبان ثابتان للموجودات. وإذا ثبت الوجوب امتنع عدمها ، ولا يمكن أن يصير لا شيئا محضا. وامتناع عدمها رأسا يتوقّف على وجود واجب بذاته ، لأنّ الموجودات لو انحصرت في الممكنات واستند بعضها إلى بعض وان وجب كلّ معلول بعلّته إلاّ أنّه لمّا جاز ارتفاع ذلك العلّة فيجوز أن يرتفع المعلول بارتفاعها ، ويجري ذلك في جميع سلسلة الممكنات وإن تسلسلت إلى غير النهاية.
فيبقى نحو واحد من انحاء عدم ذلك المعلول ولم ينسدّ بعد وهو ارتفاع المعلول مع العلّة ، فانّ عدم العلّة من انحاء عدم المعلول بمعنى انّه يجوز انّ يرتفع المعلول مع علّته ـ لأنّ الفرض انّ علّته ليست بحيث يمتنع عليه العدم ـ ، فيجب أن توجد علّة واجبة بالذات لينسدّ بها جميع انحاء العدم عن الموجودات.
و (٢) على ما قرّرنا البرهان المذكور بالتعليلين يندفع ما أورد عليه : بأنّ
__________________
(١) الاصل : ـ امتناع.
(٢) النسختين : ـ و.