بالجواب المذكور يندفع.
وبذلك يظهر ما في كلام بعض الأفاضل من الاختلال حيث قال ـ بعد نقله السؤال والجواب المذكورين ـ : وفي الجواب بحث ؛ أمّا أوّلا : فلأنّ مراد المعترض انّه إذا كان عدم الفعل أيضا متحقّقا دائما ـ كالعدم ـ فلا يمكن تعلّق القدرة به لكونه حاصلا قبله ؛ وظاهر انّ ما ذكره في الجواب ليس في مقابله ؛
وأمّا ثانيا : فلأنّ مثل ما ذكره يجري في العدم أيضا ، إذ نقول : عدم الشيء الّذي من شأنه الوجود لا بدّ له من سبب إلى آخره ، فالعدول عن العدم إلى عدم الفعل لا وجه له.
ثمّ قال : فالحقّ في الجواب أن يقال : انّه ليس الغرض العدول عن العدم إلى عدم الفعل ، بل المراد انّه لا يتعلّق القدرة بفعل العدم حتّى يقال انّ تحقّقه قبلها ينافي ذلك ، بل انّه يتعلّق بعدم الفعل وابقاء العدم بحاله ، فالعدم مقدور باعتبار البقاء والاستمرار. وبالجملة المراد بعدم الفعل هو ابقاء العدم ليكون مستمرّا ، وهو مقدور ـ على ما هو المشهور في الجواب عن هذا الدليل : انّ العدم مقدور باعتبار استمراره لا أنّه فرق بين عدم الفعل وفعل العدم في امكان تعلّق القدرة باحدهما دون الآخر ـ ؛ انتهى.
ووجه الاختلال : انّ مراد المعترض ليس قياس عدم الفعل على العدم في عدم تعلّق القدرة الّتي به يجامع التحقّق دائما ، فانّ المجيب لم يفرق بين عدم الفعل والعدم ـ أي : عدم الشيء ـ حتّى يتوجّه الاعتراض بالتساوي ، بل مراده ما قرّرناه. وحينئذ فيصير ما ذكره بقوله : « وأمّا ثانيا إلى آخره » لغوا.
وما ذكره من الجواب الحقّ عنده غير دافع للاعتراض! ، لأنّ ما ذكره في الجواب الحقّ عنده من كون العدم مقدورا باعتبار البقاء والاستمرار كان مأخوذا في أصل الجواب عن الشبهة ، ومع ذلك أورد الاعتراض المذكور ؛ فالمراد منه هو ما ذكرناه وحرّرناه.
ثمّ على ما ذكرناه من كون عدم الفعل عدم ملكة عدما مطلقا ـ أي : العدم بما هو عدم ـ فيصحّ اتصافه بالاستمرار وعدم الاستمرار ممّا هو من صفات الموجودات ، لأنّ