آن الحدوث ، / ٣٣MA / فيجوز الصدور واللاصدور في الواقع. ولا يمتنع عدم الصدور لا من جهة الذات ولا من جهة الإرادة ، لأنّ الفعل لا يجب عندهم مع الإرادة أيضا باعتبار انّ تعلّق الإرادة غير واجبة. ولا نزاع بين الحكماء وأكثر المعتزلة في وجوب الصدور ، إلاّ أنّهم يقولون بالوجوب في آن الحدوث لا في الأزل ، فانهم قائلون بوجوب صدور الفعل مع الإرادة ومعتقدون بأنّ الشيء ما لم يجب لم يوجد ، وانّ بالإرادة يجب صدور العالم عن الله ـ تعالى ـ في الوقت الّذي يقتضيه الداعي ـ كالعلم بالاصلح أو المصلحة أو ذات الوقت ـ ، ويمتنع في غير ذلك. فهم ليسوا قائلين بامكان صدور الفعل والترك بالامكان الوقوعي مطلقا ـ أي : ولو في آن الحدوث ـ ، لانّهم موافقون للفلاسفة في أنّ الايجاد وعدم الايجاد ممكن بالنسبة إلى الذات بدون اعتبار الإرادة وواجب مع اعتبار الإرادة الّتي هي عين الذات ، فهم لا يقولون بالامكان الوقوعى في آن الحدوث.
فان قيل : الامكان الوقوعى يتصوّر هنا على وجهين : أحدهما : الامكان الوقوعى بالنظر إلى ذات الفاعل فقط بدون اعتبار الإرادة وغيرها ؛ وثانيهما : الامكان الوقوعي بالنظر إلى ذات الفاعل مع الإرادة ، والامكان الوقوعي بالوجه الثانى وان لم يقل به الحكماء اصلا والمعتزلة في آن الحدوث ويختصّ الاشاعرة باثباته له ـ تعالى ـ ، إلاّ أنّ الحكماء والمعتزلة قالوا بالامكان الوقوعى بالوجه الأوّل ، لأنّهم قالوا بامكان الصدور واللاصدور بالنظر إلى ذات الفاعل ؛
قلت : الامكان الوقوعي هو صحّة الصدور واللاصدور بالنظر إلى الواقع نفسه ، لا بالنظر إلى الذات والصفة واعتبار مرتبة من مراتب تحليل العقل. ولا ريب أنّ امكان الصدور بالنظر إلى الذات مع كون الإرادة مانعة من اللاصدور لا يصحّح الامكان بالنظر إلى الواقع نفسه ، لأنّ الإرادة يوجب الصدور في الواقع ، فلا يتحقّق الامكان فيه ، فالامكان الوقوعى لا يثبت على مذاق الحكمة والاعتزال.
الثاني : ما وقع بين الحكماء والمعتزلة من المتكلّمين ، وهو : انّ الحكماء لمّا اوجبوا الصدور وأحالوا اللاصدور لزمهم القول بقدم العالم ، ولذا قالوا به ؛ والمعتزلة خالفوهم ولم يقولوا بالقدم / ٣٣DA / بل قالوا بحدوث العالم.