لقبحها وعدم مناسبتها لذاته الحسنة ؛ وهذا كما انّ الجواد من افراد الانسان مع اقتداره على ترك الجود لا يتركه ويفعله البتة والصدوق منهم وان اقتدر على الكذب إلاّ أنّه لا يكذّب البتة.
فان قلت : إن كان صدور الفيض ـ لكونه حسنا ومناسبا لذاته ولازما لها ـ واجب الصدور منه ـ تعالى ـ ووجوب الصدور انّما حصل لهذا التلازم الواقعى من دون مدخلية شيء آخر ، فالذات مقتضية له البتّة ولا يمكن التخلّف بالنظر إلى ذاته ؛ وإن لم يكن لازما وواجبا للذات من حيث هي بل الوجوب واللزوم إنّما حصل لملاحظة الغير ، فيجري في فعله الأغراض ويلزم الاستكمال ؛
قلت : الإيجاد من حيث هو ايجاد ليس لازما للذات من حيث هى تلك الذات ليرفع الامكان المذكور ، بل لازم لها من حيث كونه حسنا في الواقع ونفس الأمر ، والمحسن يفعل الحسن البتّة لحسنه الواقعي وكونه محسنا ، لا لأنّه لا يقدر على تركه ، بل لأنّه يختاره البتّة باختياره ومرجّح الاختيار هو حسن الفعل في نفسه وكونه محسنا ، وقدرته على فعله لأنّه لو لم يفعله لزم ترجيح المرجوح ، فمجرّد وجوده الّذي هو عين ذاته ليس موجبا للفعل بل مع ملاحظة حسنه الواقعي اللازم لهذا الفعل. فالوجوب انّما حصل بالاختيار ، والوجوب بالاختيار لا ينافي الاختيار ، ووجوب ايجاد العالم لكونه حسنا وكونه نظاما أصلح ليس فيه غرض يلزم به الاستكمال ، لأنّ الاستكمال انّما يلزم لو كان الباعث للفعل هو اكتساب صيرورته محسنا وفاعلا للنظام الأصلح ؛ وليس كذلك ، لأنّ ذاته ـ تعالى ـ عين جميع صفاته الكمالية أزلا وأبدا وليس فيها تفاوت ونقصان وتغيّر وحدثان وفي كلّ وقت يصدق عليه جميع صفات الكمال ونعوت الجلال إلاّ أنّ الكمال إيجاد كلّ شيء في الوقت الّذي يمكن أن يوجد فيه واعطاء كلّ شيء ما هو قابل له. وأمّا إذا كان الباعث هو مجرّد كون الفعل حسنا مع كون الفاعل محسنا وثبوت قدرته على طرفي الفعل والترك من دون قصد إلى كسب كونه محسنا أو صفة أخرى ، فليس فيه استكمال ولا يستلزم صيرورته ذا صفة ليست فيه ، بل الصفات الكمالية ثابتة له أزلا وأبدا ، وما يحدث انّما هو التعلّقات الاضافية و