والقول بانّ اختلاف القابلية والقوّة حينئذ يصير منشئا للاختلاف في الشدّة والعدد كلام واه جدّا! ، لأنّا أخذنا القابلية والقوّة اللتين تصيران منشئا للاختلاف بحسب المدّة ، وأيّ دخل لهما في الاختلاف من حيث الشدّة والعدد؟! ؛ فالقابلية والقوّة اللتان في جزء من الفلك وصارتا باعثتين للتحريك إلى غير النهاية بالفرض يمكن أن توجد فوقهما قابلية وقوة تكونان أقوى وأكثر تاثيرا من جنسهما ـ أي : ممّا يقتضي التأثير بحسب المدّة ـ ، لما تقدّم من البرهان ، وهو غير جائز ، لعدم الاختلاف في البرهان (١) بين غير المتناهيين بحسب المدّة.
وبما ذكر يظهر انّه لا يجوز أن يكون محرّكها جسما أو (٢) جسمانيا آخر غير الافلاك وقواها الجسمانية المنطبعة.
ومنها : انّ الغاية للنفوس الفلكية وإن لم يجز أن تكون شهوية ولا غضبية ، إلاّ انّه لم لا يجوز أن تكون الغاية لها صلاح النظام الجملي والعناية الكلّية؟.
فان قيل : ذلك / ٢٩MA / يستلزم فعل العالي للسافل واعتناء الأشرف بالخسّ؟
قلنا : كما في فعل الواجب ، والجواب الجواب من دون تفاوت.
والجواب : انّ تلك الحركات إن كانت متناهية لزم حدوث الافلاك ونفوسها وصيرورتها موجودة بعد العدم ، فثبت به المطلوب ؛ وإن كانت غير متناهية لم يمكن أن يصدر عنها إلاّ إذا كان محرّكها الغائي جوهرا عقليا مفارقا ذا قوة غير متناهية وتحرّكها على سبيل الامداد والتشويق ، لأنّ النفس من حيث انّه نفس كالجسم والجسمانيات في عدم امكان صدور الأفاعيل الغير المتناهية عنه ؛ كيف لا والنفس أيضا قوة جسمانية من حيث الفعل ما دام نفسا وان تجرّدت من حيث الذات؟! ، وأنّى يمكن أن يصدر عنه التاثيرات والافاعيل الغير المتناهية إلاّ أن يمدّها جوهر عقلي / ٢٨DB / يكون ذا قوة غير متناهية؟! ، والتحريكات الغير المتناهية من القوى الجسمانية على سبيل الامداد (٣) والتأييد من ذي قوّة غير متناهية جائز لأنّ حصول الغير المتناهي
__________________
(١) الاصل : الزمان.
(٢) الاصل : جسما أو.
(٣) الاصل : الامتداد.