« الوقوع » اشارة إلى انّه يجوز أن يكون لمعلول واحد شخصى علّتان مستقلّتان ، لكن إذا وقع المعلول بأحدهما امتنع أن / ١٠٣MB / يقع بالآخر ؛ فلا يمكن وقوع المقدور الواحد الشخصي إلاّ من قادر واحد وإن امكن كونهما معلولا لهما بالنظر إلى ذاتهما.
ثمّ تعيّن صدور بعض المعلولات عن غيره ـ تعالى ـ وعدم صدوره عنه ـ سبحانه ـ مع صحّة صدوره عنه ـ تعالى ـ أيضا لأجل ملاحظة بعض المصالح الراجعة إلى النظام الأعلى مثلا لا يصحّ أن يصدر أفعال العباد منه ـ تعالى ـ بالنظر إلى الإرادة والعلم بالأصلح ، لأنّ صدورها منه ـ تعالى ـ يوجب الالجاء المنافي للتكليف ، فلم تبق القدرة مع الإرادة بها. وهذا لا يوجب امتناع تعلّق نفس القدرة من حيث هي قدرة بها ، إذ الايجاد غير معتبر في القدرة وإلاّ لزم عدم اقتداره ـ تعالى ـ على خلق العالم حين كان العالم معدوما ؛ وهو باطل بالاتفاق. فمجرّد عدم ايجاد الواجب افعال العباد لا يقتضي عدم شمول قدرته بالمعنى المشهور لها ، بل يصحّ أن يتعلّق بها من غير اعتبار العلم بالأصلح ؛ هذا.
وقد علمت انّه لو عمّم القدرة وأريد بها شمولها لجميع الاشياء ـ سواء كان بلا واسطة أو بواسطة ـ لكانت القدرة المستجمعة لجميع شرائط التأثير والقدرة بالمعنى المشهور ـ أي : امكان الفعل والترك بالنظر إلى الذات ـ عامّة شاملة بالنظر إلى جميع الموجودات ، وكان الجميع صادرا عنه ـ تعالى ـ ؛ فيكون الواجب حينئذ بالنظر إلى اعمال العباد فاعلا بعيدا لا قريبا. ونفي الفاعلية القريبة لا يوجب نفي الفاعلية البعيدة بمعنى انّه لو لم يوجد البعيد على وجه يكون قادرا لم يصدر تلك الأفعال عنه ، لأنّ الصدور فرع وجود المصدر ؛ وهذا لا يوجب الالجاء ، لأنّ جعل الشيء قادرا يؤكّد اقتداره على افعاله ويمكّنه على الفعل والترك ؛ هذا.
وبقي الكلام في أنّه بناء على قواعد الاعتزال إذا كان الواحد الشخصي الصادر عن زيد مثلا ممكن الصدور عن الواجب بالنظر إلى ذاته لزم جواز كون علّتين مستقلّتين لشيء واحد بعينه وإن لم يصدر إلاّ عن أحدهما ، مع انّه باطل ؛ لأنّ المناسبة
__________________
الثاني ؛ كشف المراد ، ص ١٩٢.