وقيل (١) في الجواب عن الايراد المذكور : انّ الامكان المذكور ليس وصفا للفاعل ولا هو الامكان الذاتي والوقوعي للمفعول ـ اللّذين هما حالتاه بالقياس إلى وجوده في / ٣٥DB / نفسه ـ ، بل هو صفة لصدور الفعل عن الفاعل. وليس هو نفس القدرة ، بل القدرة ما هو في الفاعل منشئا لهذا الامكان ـ كما مرّت الاشارة إليه ـ ، كما انّ الإرادة هي منشأ الترجيح عند الاشاعرة أو الوجوب عند المعتزلة ، والفواعل الموجبة ـ سواء كانت تامّة أو ناقصة ـ ليست أفاعيلها ممكنة الصدور واللاصدور عنها ، بل معلولاتها ممكنة الوجود في نفسها بالنظر إلى ذواتها أو بالنظر إلى الواقع ؛ انتهى.
وأورد عليه : بانّ الفرار عن كونه صفة للمفعول إلى كونه صفة لصدور الفعل عن الفاعل ممّا لا يجدي أصلا! ، إذ لزوم كون كلّ فاعل مختار باق بحاله لأنّ صدور الفعل عن غير المختار أيضا ممكن ، لأنّ الامكان للممكن ضروري وصدور الفعل عن غير المختار أمر ممكن لا واجب.
وأيضا : الامكان المذكور إذا جعل صفة لصدور الفعل كان صدور الفعل ممكنا ، ولا ريب في أنّه صفة للفاعل ، فهو يوجب ثبوت صفة ممكنة للفاعل ، فيبقى الاشكال بحاله.
الثالث من الايرادات : انّه لا ريب في أنّ الصدور واجب مع الإرادة ، والإرادة وغيرها من الصفات الكمالية في الواجب عين الذات ، فحيثية الذات هي بعينها حيثية الإرادة والعلم والقدرة وغيرها من الصفات الكمالية ، كما أنّ حيثية الفاعل والافاضة هي بعينها حيثية جميع صفاته الاضافية ـ كالرحمانية والرحيمية والرازقية واللطف والكرم وغيرها ـ ؛ وحينئذ فاذا وجب الصدور بالنسبة إلى الإرادة وجب بالنسبة إلي الذات أيضا ، فلا يتحقّق صحّة الفعل والترك بالنظر إلى الذات.
وللفرار عن هذا الإشكال قال بعض أهل التحقيق : انّ المراد بما نثبته للواجب من صحّة الفعل والترك انّما هي الصحّة بالنظر إلى ذات العالم لا بالنظر إلى ذات الفاعل ؛ و
__________________
(١) في هامش « د » : ميرزا ابراهيم ابن ملا صدرا.