جماعة من الأفاضل ـ ، إلاّ انّ الانصاف أنّ الأقرب هو الثاني : كما لا يخفى على المتتبّع الفطن.
هذا ؛ ثمّ تحقيق الحقّ على ما اخترناه يتوقّف على بيان أمرين ؛
الأوّل : انّه لا ريب في تناهى العالم من جانب البداية بمعنى انّ الامتداد المفروض من وجود الأجسام الفلكية والعنصرية ـ أعني : الزمان والحركات اللازمة لها ـ من حين وجودها إلى ايّ وقت فرض متناهيان ، ويدلّ عليه ما تقدّم من حقّية جريان التسلسل في الأمور المتعاقبة ـ سواء كانت مجتمعة في الوجود أم لا ـ ؛ ونحن نشير إلى كيفية جريان طرق من أدلّة ابطال التسلسل في تناهي الحركة والزمان ، ليقاس عليها البواقى ؛
فمنها : طريق التطبيق ؛ وتقريرها هاهنا : انّه لو كانت الحركة غير متناهية أو الزمان غير متناه لكان لنا أن نفرض من جزء معيّن منهما ـ كدورة معيّنة مثلا من الحركة ويوم بليلة من الزمان إلى ما لا بداية لهما ـ جملة واحدة ، ثمّ نفرض من جزء قبلهما بمقدار متناه ـ كخمس دورات مثلا من الحركة وخمسة أيّام بلياليها من الزمان ـ جملة اخرى ، ثمّ نطبق بين الجملتين ونسوق الكلام حتّى / ٣٩DB / يتمّ البرهان ـ على ما تقدّم في المقدّمات ـ.
ومنها : طريق التضايف ؛ وتقريره ما هاهنا : انّ الحركة والزمان بحسب تآلفهما من اجزاء بعضها سابقة وبعضها مسبوقة ، ولنجعل تلك الاجزاء دورات وأيّاما بلياليها ، فلو كانت الحركة والزمان غير متناهيين كانت تلك الدورات وتلك الأيّام بلياليها غير متناهية. ويمكن لنا أن نأخذ من دورة معيّنة ومن يوم معيّن بليلته إلى ما لا بداية له جملة ، فنأخذ ذلك ونقول : كلّ واحد من تلك (١) الدورة وذلك اليوم بليلته هو الجزء الأخير في هذه الجملة ، فهو موصوف بالمسبوقية وليس موصوفا بالسابقية ، وكلّ واحد من أجزائها الأخر موصوف بالمسبوقية والسابقية معا ـ إذ لو وجد في الأجزاء الأخر سابق غير مسبوق لانقطعت السلسلة به ولزم التناهي ، وهو خلاف الفرض ـ ، فيلزم أن يكون كل واحد من الاجزاء المتقدّمة على الجزء الأخير موصوفا بالسابقية و
__________________
(١) الاصل : ـ تلك.