تلك الشرور يكون أصلح ؛
والجواب عنه : انّ وقوعها من لوازم وقوع الممكنات وايجادها ، فانّ الممكن لا يمكن أن ينفكّ حقيقته ومهيته ـ وإن صار موجودا ـ عن عدم ما ، فيحتوي على شر ما البتة ، إلاّ / ١٠٣DA / انّه لا يظهر الشرّية فيه لنا إلى أن ينحطّ عن الوجود المحض والخير الصرف بمراتب كثيرة ، فكلّما تنزّل سلسلة العلل والمعلولات عن الواجب الحقّ يكون ظهور العدم والشرّية أكثر إلى أن يصل إلى النهاية.
وايجاد تلك الممكنات بحيث لا تشتمل حينئذ على تلك الأعدام اللازمة لذواتها أمر ممتنع ، لأنّه قلب للحقيقة. وعدم إيجادها رأسا منع لافاضة الوجود الغالب على العدم ، فهو شرّ كثير.
ومنها : انّ اقتداره على ايجاد الشرّ بالنظر إلى ذاته يوجب مناسبة الوجود المحض للعدم والخير الصرف للشرّ ، وهو باطل ؛ إذ لو لا تلك المناسبة لم يتصوّر امكان ايجاده بالنظر إلى ذاته ، فانّ مجرّد الامكان المذكور ـ أي : امكان الوقوع بالنظر إلى الذات ـ وإن لم يقع عنه بالنظر إلى العلم والإرادة يوجب تحقّق المناسبة المذكورة ؛
والجواب عنه : انّ امكان الصدور انّما هو بالنظر إلى ذات العلّة فقط ـ أي : الواجب تعالى ـ ، لا بالنظر إلى ذات المعلول ـ أعني : الشرّ أيضا ـ حتّى يلزم المناسبة.
فانّ المطلوب انّ صدور كلّ ممكن حتّى الشرّ بالنظر إلى ذات الواجب ممكن ، لأنّ ذاته ـ تعالى ـ من حيث هي لا يأبى ولا يعجز عن ايجاد كلّ شيء. إلاّ انّ بعض الأشياء لخسّتها وانحطاطها في درجات الوجود لا يناسب ذاته المقدّسة ، فلا يمكن صدورها بالنظر إلى ذواتها عن الواجب ـ تعالى ـ وإن امكن صدورها عنه بالنظر إلى ذاته ـ تعالى ـ.
ومنها : انّ تلك الشرور كثيرا ما يصيب بعض المظلومين من دون جرم وتقصير ، وهو ينافي الحكمة ولا يناسب العدل والرحمة ؛ ولهم أن يقولوا : بأيّ سبب اصابنا هذا الشرّ والظلم مع انّا عباد مطيعون لم يصدر منّا جرم وتقصير؟!.
وإن قيل لهم : هذا صلاح لنظام الكلّ! ؛