والثالث : انّه إذا جاز أن يكون فاعل ما فيه جهة فعلية وجهة قوّة أمرا مثله ، فيجوز أن يكون الممكن أيضا فاعلا لممكن آخر من الجواهر والأعراض / ٧٥MA / المفارقة أيضا ، إذ في كلّ منها جهة قوّة وجهة فعلية.
والرابع : انّ ما ذكره من أنّ الحركة القطعية لا وجود لها إلاّ في الذهن ممّا لا دليل عليه ، بل الحقّ جواز كونها موجودة في الخارج ، لكنّها على سبيل التدريج ، ولا وجه لانكار وجودها في الخارج ، والقول بوجودها في الذهن ؛ إذ في شيء من الذهن والخارج لا يمكن أن يوجد دفعة ، فلو جاز الوجود على سبيل التدريج لجاز في الخارج أيضا ، وإلاّ فلا يعقل في الذهن أيضا. نعم! ما ذكره في الحركة التوسطية من كونه أمرا بين صرافة القوّة ومحوضة الفعل لو قيل في الحركة القطعية لكان له وجه.
والحقّ إنّ هذا الايراد خلاف التحقيق ، لأنّ وجود الحركة القطعية غير محقّق ؛ والحقّ عدم وجودها ـ كما ذهب إليه اساطين الحكمة ـ. وتحقيق ذلك موكول إلى موضع آخر.
والخامس : انّه إذا جاز أن يكون موجد الحركة هو الممكن فلا يندفع حديث الواسطة ، إذ يجوز حينئذ أن يوجد الواجب على سبيل الايجاب مجرّدا قديما اختار هذا المجرّد بقدرته وارادته وعلمه الحركة في وقت معيّن واختار هذا الوقت وقتا للحركة لتكون تلك الحركة شرطا لايجاد الواجب العالم على سبيل الايجاب ، فلا يثبت اختيار الواجب.
وأنت تعلم إنّ هذا الاحتمال ضعيف ، لأنّ الحركة لا يمكن وجودها بنفسها ، بل لا بدّ لها من محلّ جوهريّ يقوم به ، فاختيار مجرّد تلك الحركة في وقت خاصّ إن كان لمجرد تعلّق علمه وارادته بأن يوجدها الواجب في ذلك الوقت بمحلّها فيكون مجرّد علم / ٧٢DA / الغير شرطا لتأثير الواجب ، وقد تقدّم هذا الاحتمال مع ما فيه. مع أنّه لا يتوقّف على جواز صدور الحركة من الممكن وقد علّق عليه هنا.
وإن كان المراد باختياره الحركة هو ايجادها بمحلّها ، ففيه : انّ الفرض عدم جواز صدور غير الحركة من الممكن. وإن كان الواجب يوجد المحلّ وهذا المجرّد يوجد فيه