الامكان نسبته إليه وإلى الواجب على السواء.
ويعترض على الدليل حينئذ بأنّه لو تمّ لدلّ على عموم قدرة كلّ أحد ، لأنّه لا يكون أحد غيره ـ تعالى ـ حينئذ فاعلا ، بل الفاعلية منحصرة به ـ تعالى ـ. وإذا كان الفاعلية والتأثير بالنسبة إلى الكلّ منحصرة به ـ تعالى ـ يثبت شمول قدرته ـ تعالى ـ على الكلّ ، لما تقرّر وثبت من أنّ فعله وتأثيره انّما هو على سبيل القدرة والاختيار دون الايجاب.
وإن قلنا : يجوز أن يكون الممكن واسطة في الايجاد بجهته المستندة إلى الواجب ـ تعالى ـ ، فيكون المطلوب حينئذ اثبات عموم قدرته ـ تعالى ـ ولو كان بالواسطة بالنسبة إلى بعض الممكنات ؛
فنقول : لا ريب في انتهاء قدرة جميع الفاعلين إليه ـ تعالى ـ وليست لغيره قوّة استقلالية على ايجاد شيء حتى يثبت له عموم القدرة بالنسبة إليه ، بل كلّ فاعل سواه يكون واسطة في الافاضة وتنتهي قدرته إليه ـ تعالى ـ ، فكلّ ما له قدرة وقوّة التأثير عموما أو خصوصا تنتهي قدرته إليه ، وإذا انتهت إليه يثبت له عموم القدرة بلا واسطة في القدرة بالمعنى المشهور ، وبلا واسطة أو بواسطة في القدرة المستجمعة. لما تبيّن من أنّ تأثيره إنّما هو على سبيل القدرة والاختيار ؛ هذا.
وقيل : المشهور في الاستدلال على عموم القدرة انّ المقتضى للقدرة هو الذات لوجوب استناد صفاته إلى ذاته ، والمصحّح للمقدورية هو الامكان ـ فانّ الوجوب والامتناع يحيلان المقدورية ـ ، ونسبة الذات إلى جميع الممكنات على السواء ، فاذا ثبت قدرته على السواء على بعضها ثبت على كلّها.
وأنت تعلم انّه لا فرق بين هذا الاستدلال المشهور وبين الاستدلال المذكور فى ورود ما تقدّم ؛ والجواب مشترك.
ولقائل أن يمنع وجوب استناد جميع صفاته إلى ذاته ـ تعالى ـ إن اريد بالاستناد عدم التوسّط مطلقا ـ لانتقاضه بمثل الإرادة الّتي تتعلّق ببعض الممكنات دون بعض ـ ، فلا بدّ حينئذ من توسّط صفة أخرى شأنها التخصيص والترجيح ، كما تعلم بالأصلح.