استندت إلى الواجب لذاته أم لا ؛ هذا.
ثمّ انّ بعض الافاضل أخذ في الاستدلال بدل « مجموع الموجودات » : « طبيعة الوجود بما هو موجود » ـ اي : لا بشرط شيء ـ ، وقال : طبيعة الموجود بما هو موجود لا بشرط شيء يمتنع أن يصير لا شيئا محضا وإلاّ يلزم صيرورة الوجود عدما ، فيلزم قلب الحقيقة وهو محال. وطبيعة الممكن بما هو ممكن لا بشرط شيء لا يمتنع أن يصير لا شيئا محضا لا محالة ، فلو كانت طبيعة الموجود بما هو موجود قائمة بطبيعة الممكن من حيث هو ممكن لا قائمة بذاتها ولا بفرد قائم بذاته يلزم جواز صيرورتها لا شيئا محضا ـ كما / ١٨MA / لا يخفى ـ ؛ انتهى.
وأنت تعلم انّ هذا الكلام لا محصّل له! ، لأنّ انعدام طبيعة الوجود ليس من باب القلب ، لانّ القلب أن يصير عين شيء عين شيء آخر ، ومعلوم أنّ طبيعة الموجود إذا انعدمت بانعدام افرادها لا تصير نفس العدم ، بل يتبدّل ظهورها العينى بالخفاء في الأعيان.
ومنها : انّ موجد جميع الممكنات الصرفة المتصلة إلى غير النهاية يجب أن يكون خارجا عنها ، وإلاّ كان موجدها إمّا عينها أو جزئها ؛ والأوّل باطل ضرورة ، لايجابه علّية الشيء لنفسه ؛ والثاني أيضا باطل ، لاستلزامه كون الشيء علّة لنفسه ولعلله ، وهو باطل ؛ فيبقى أن تكون علّتها شيئا خارجا عنها وهو واجب الوجود لذاته.
وأورد عليه شبهة ما قبل المعلول الأخير. وتقريرها : انّ السلسلة الغير المتناهية نفصّلها إلى جزءين ، أحدهما : المعلول الأخير ، وثانيهما : جميع ما قبل المعلول الأخير ، وجميع ما قبل المعلول الاخير امر موجود / ١٨DA / غير خارج عن السلسلة وعلة للمعلول الاخير. ثمّ نفصّل (١) جميع ما قبل المعلول الأخير إلى جزءين : أحدهما الجزء الّذي هو فوق المعلول الأخير ، وثانيهما جميع ما قبل هذا الجزء ـ وجميع ما قبل هذا الجزء أمر موجود غير خارج عن السلسلة وعلّة لهذا الجزء ، وهكذا ـ ؛ وحينئذ تكون
__________________
(١) في النسختين : تفصيل.