علاقة وضعية ونسبة جسمية فليجز عكسها ، لاشتراك الدليل وبحكم الفرق ؛
قلنا : الفرق قائم والدليل انّما يدلّ على عدم جواز تأثير الجسمانيات بدون الوضع ، لا على عدم جواز تأثير المفارق بدونه أيضا ؛ بل البرهان قائم على عدم توقّف تأثيره على الوضع. وبيان الجميع : انّ الجسمانيات من الصورة كالصور الجسمية والنوعية وغيرها من القوى الجسمانيّة متقوّمة بالفعل بموادّ الاجسام فقوامها انّما هو بتلك الموادّ ، فقوام هذه الصور والقوى يتوقّف على حصول وضع ما لها وتوسّط تلك الموادّ في الوضع ، وإذا احتاجت في قوامها إلى توسّط المادّة في الوضع احتاجت في صدور الفعل عنها أيضا إلى توسّط المادّة في الوضع ، امّا بالنسبة إلى ذوات تلك الصور والقوى بأن لا يتحقّق فعلها بدون أن يكون لمحلّها ومتعلّقها وضع ما قطّ ـ إذ فعل المتقوّم بالمادّة لا يكون إلاّ بواسطة المادّة ، والمادّة المقارنة لها لا بدّ لها من وضع ما ، إذ كلّ جسم له وضع على الاطلاق البتة ـ ، وإمّا بالنسبة إلى المنفعل عنه بمعنى توقّف فعل القوى المتعلّقة بالمادة من وضع مخصوص لتلك المادة بالنسبة إلى المنفعل عن هذه القوى ، فلأنّ ما يكون قوامه وتحقّقه موقوفا على توسّط المادّة في الوضع ، فيكون تأثيره في شيء موقوفا على تحقّق وضع له بالنسبة إليه / ٣٠MA / بطريق أولى.
وهو كما ترى ؛ فانه لقائل أن يمنع الأولوية بل المساواة ويقول (١) : لم لا يجوز أن تكون القوى المنطبعة في الموادّ موجدة لبعض المفارقات أو الاجسام من غير افتقار إلى تقدّم مادّة ووضع ، ولا بدّ لنفيه من دليل.
ويمكن أن يستدلّ عليه بالاستقراء في المؤثّرات الجسمانية ، فانّ تاثير كلّ قوّة جسمية ـ على ما يشاهد ـ موقوف على تحقّق الوضع بالنسبة إلى المنفعل عنه ، وتأثيره فيه باختلاف القرب والبعد ولا يوجد تأثير لقوّة جسمانية بدون الوضع ؛ وهو أيضا كما ترى.
فالصحيح أن يستدلّ عليه : بانّه لا ريب في أنّ الفاعل أشرف من المفعول من جميع الجهات ، ولا شبهة في أنّ القائم بالذات ـ سواء كان من المفارقات أو نفس المادّة
__________________
(١) الاصل : ـ ويقول.