الوجود الخالص المتعالي عن سبق العدم على الاطلاق فلا يتصوّر له عدم حتّى يكون وعاء ، بل الوعاء له ـ أي : السرمد ـ انّما هو وعاء وجوده.
ثمّ انّه لا يتصوّر الاختلاف في الأوعية بحسب الاوقات ، بل وعاء كلّ من الموجودات الثلاث هو وعائه المختصّ به في كلّ وقت. فوعاء الوجود الخالص المتعالي عن العدم هو « السرمد » ولو بعد تحقّق الوعائين الآخرين ـ أي : الدهر والزمان ـ ، لانّه محيط بهما ، فلا فرق في عدم انتسابه إليهما وتعاليه عنهما قبل وجودهما وبعده. وكذا وعاء الموجود بعد العدم الصريح هو « الدهر » ، ولو بعد وجود الزمان لتعاليه عن الزمان واحاطته به ، فلا يتصوّر انتسابه إليه وكونه وعاء له. وما يتخيل عندنا من انطباق وجود الواجب والعقول والافلاك على الزمان فانّما يتراءى ذلك في اذهاننا لالفها بالزمان والزمانيات ، ولا نتصوّر شيئا إلاّ بتصوّر كونه زمانيا ، ولكن البرهان دلّ على تعالي بعض الموجودات عن الزمان واحاطته به.
ثمّ الحق الحقيق بالتصديق / ٣٩MA / هو الحدوث الدهري. والحقّ انّ القول به ليس ممّا اخترعه السيد الداماد ، بل هو ممّا ذهب إليه كثير ممّن تقدّمه من الحكماء ومحقّقي (١) المتكلّمين.
ثمّ السيد ـ رحمهالله ـ صرّح بأنّ النزاع بين الحكماء وغيرهم انّما هو في هذا الحدوث لا في الذاتى ولا في الزماني ، لأنّ الذاتي لم ينكره أحد من الحكماء ـ وهو ظاهر ـ ، ولا المتكلّمون ، لانّ القول بالحدوث الدهري أو الزماني مستلزم للذاتي أيضا ، لأنّ تأخّر العالم عن علّته بالعدم الصريح الواقعي أو بالعدم الزماني مستلزم لتأخّره عنها بالذات ـ كما يأتي توضيحه ـ. والزماني ممّا لا يصلح أن يكون محلاّ للنزاع بين العقلاء ، فانّ القول به انّما نشاء من بعض الأشاعرة ؛ قال ـ قدّس سره ـ في القبسات : لا يجوز أن يكون الحدوث المتنازع فيه هو الحدوث الذاتي لاتفاق الحكماء / ٣٨DB / على الحدوث بذلك المعنى ، ولا الحدوث الزماني ، لأنّ من العالم المبحوث عن حدوثه نفس الزمان ومحلّه وحامل محلّه والجواهر العقلية المفارقة لعوالم الأزمان والأماكن رأسا ، فكيف
__________________
(١) الاصل : محصّلي.