واقول : هذا الجواب بطوله ممّا لا يجدي طائلا ، بل هو فاسد! ، لأنّ القول بانّ ظهور كون الواجب صانع العالم انّما هو بطريق الاتفاق ممّا لا معنى له ، والقرائح السليمة لا تقبله ؛ فانّه لا ريب في أنّ صانعيته ـ تعالى ـ للعالم انّما يعلم من مصنوعية للعالم ، ولولاها لم يكن لنا إليها سبيل. بل لو لم يتحقّق المصنوعية في الخارج لم تتحقّق صانعية فيه. نعم! ، يمكن القول بانّ الانتقال من هذا الوجود الرابطي ـ أعني : كونه صانعا ـ إلى الوجود الحقيقيّ انّما هو بالحدس لا بالاكتساب ، لانّ تحقّق الوجود الارتباطى لا يمكن إلاّ بعد تحقّق الوجود في نفسه.
فالحقّ في الجواب عن الشبهة أن يقال : لا مانع من توقّف هذا الوجود الاضافي الارتباطى ـ أعني : ثبوت صانعية العالم للواجب تعالى شأنه ـ على غيره ـ أعني : مصنوعية العالم وعدم ثبوتها له في ذاته ـ ، فانّ المصنوعية والصانعية متضايفتان وتوقّف ثبوت أحد المتضايفين على الآخر ذهنا وخارجا ممّا لا ينكر. وهل هذا مثل الرّازقية والمرزوقية؟ ، فانّه لا ريب في انّه لا يثبت للواجب ـ تعالى ـ رازقية / ٢٤DB / زيد بدون وجود زيد المرزوق ، بل هي موقوفة عليه. والسرّ انّ مثل الصانعيّة والخالقيّة والرازقيّة وأمثالها من صفات الفعل الّتي لا تتحقّق بدون متعلّقاتها. والحاصل : انّ عدم ثبوت الوجود الرابطي للواجب بالنظر إلى ذاته وتوقّفه على غيره لا منع فيه ، إلاّ أنّ ارجاع البراهين إلى اثبات مثل هذا الوجود ليصير لمّية ممّا لا فائدة / ٢٥MA / فيه ولا يجدي طائلا ـ كما عرفت ـ.
ثمّ لا يخفى بأنّ مثل هذه الشبهة جارية في الوجه الأوّل أيضا ، بان يقال : إذا كان اشتمال الموجود المطلق على الفرد الممكن علّة لاشتماله على الفرد الواجب لزم أن يكون كون الواجب فردا للموجود المطلق معلولا لكون الممكن فردا للموجود المطلق ، فيلزم أن لا يثبت للواجب ـ جلّ وعزّ ـ كونه فردا للموجود المطلق باعتبار ذاته ، بل بملاحظة علته ؛ وهي اشتمال الموجود المطلق على الفرد الممكن واحتياجه إلى العلّة. فمع قطع النظر عن هذه العلّة في نفس الأمر يلزم عدم معلولها في نفس الأمر فيلزم أن لا يكون الواجب فردا للموجود المطلق في ذاته ؛ وهو باطل. لأنّ كون الواجب فردا للموجود