ـ تعالى ـ أصل عظيم خالف فيه كثيرون ؛
الأوّل : الفلاسفة القائلون بأنّه واحد حقيقي لا يصدر عنه شيء بلا واسطة واحد ، هكذا في المواقف. وقد عرفت انّ الفلاسفة يقولون بايجاب الواجب لا بكونه قادرا ، فهم ينفون اصل القدرة لا عمومها.
الثّاني : المنجّمون ، ومنهم الصائبة القائلون بأنّ الكواكب بحركاتها مؤثّرات في الحوادث السفلية والتغيرات الواقعة في جوف الفلك من اختلاف الفصول الأربعة وتأثيرات الطبائع في المواليد. وأنت خبير بأنّ هذا من متفرّعات ايجاب الواجب وانّه لا يصدر عنه بلا واسطة إلاّ واحد.
الثالث : الثنوية ، ومنهم المجوس القائلون بأنّه ـ تعالى ـ لا يقدر على الشرّ.
الرابع : النظام ومتابعوه ، حيث ذهبوا ـ كما في المواقف ـ إلى انّه ـ تعالى ـ لا يقدر على القبيح. وما نقل عنه في بعض الكتب انّه قال : انّ الله ـ تعالى ـ لا يقدر على القبيح وما نقل عنه في بعض الكتب انّه قال : انّ الله ـ تعالى ـ لا يفعل القبيح ، فبينهما فرق بيّن. ولك أن تقول : إذا لم يفعل القبيح لم يقدر عليه ، إذ القدرة على الشيء بالمعنى المذكور يقتضي صحّة صدور ذلك الشيء في وقت وصحّة عدم صدوره في وقت آخر.
الخامس : أبو القاسم البلخي ومتابعوه ، حيث قالوا : انّه لا يقدر على مثل فعل العبد.
السادس : الجبائية ، حيث قالوا : انّه لا يقدر على عين فعل العبد.
وتفصيل دلائلهم وما يتوجّه عليها مذكور في شرح المواقف وغيره. واثبات عموم قدرته ـ تعالى ـ يبطل المذاهب المذكورة ؛ انتهى.
ولا يخفى انّ ما نسب هذا القائل إلى الحكماء ـ : من انّهم / ١١٠MA / ينفون اصل القدرة لا عمومها ـ ليس على ما ينبغي ، لما عرفت من أنّ الايجاب الّذي يقول به الحكيم لا ينفي القدرة بالمعنى الأوّل والقدرة بالمعنى المشهور ، لأنّ الايجاب عندهم انّما هو بعد العلم بالأصلح والإرادة لا مع قطع النظر عنهما ، والايجاب بالارادة لو كان منافيا للقدرة للزم مثل ذلك على المعتزلة وأكثر المحقّقين ـ كالمحقق الطوسي ـ ، والفرق بقدم الأثر و