الممكنات الموجودة والمعدومة ـ كما هو الظاهر من ادلّتهم ـ ، والتخصيص بغير ما هو المطلوب المهمّ خلاف الظاهر والمتبادر.
فان قلت : هل يمكن أن يحمل قياس المستدلّ المذكور على القياس الّذي ذكرته وتمّمته؟!.
قلت : لا ، لأنّ موضوع الصغرى في قياسنا هو قولنا : « كلّ ممكن » ، وفي قياسه هو قولنا : « كلّ ما له امكان الصدور عن الغير » ، والمحمول فيها في قياسنا هو قولنا : « له امكان الصدور عن الغير » ، وفي قياسه هو قولنا : « فهو مقدور » ؛ ومع ذلك جعل فيه الإرادة جزء لموضوع الصغرى ، فكيف يرجع أحدهما إلى الاخر؟.
وبذلك يظهر انّ استدلاله لا يخلوا عن اختلال.
نعم! يمكن / ٩٣DB / أن يقال ـ على تكلّف! ـ : انّ الصغرى في استدلاله محذوفة ـ وهي الّتي ذكرناها ـ ، وقد حذفها اعتمادا على الظهور ، وكذا حذف قولنا : « بالارادة » عن محمول الكبرى أيضا اعتمادا على الظهور ؛ وقوله : « انّ امكان الصدور عن الغير بالارادة علّة للمقدورية » مقدّمة خارجة عن القياس ، والغرض من ايرادها بيان انّه إذا ثبت بالقياس المذكور انّ كلّ ممكن له / ٩٨MB / امكان الصدور عن الواجب بالارادة يثبت عموم قدرته ، إذ علة المقدورية ليست إلاّ امكان الصدور بالارادة. فاذا ثبت أنّ كلّ ممكن له امكان الصدور عن الواجب بالارادة وثبت بحكم تلك المقدمة انّ كلّ ما له امكان الصدور عن شيء بالارادة فهو مقدور له يثبت انّ كلّ ممكن مقدور له ـ تعالى ـ ، وهو معنى عموم القدرة.
وعلى هذا حمل كلام بعض الأعلام حيث قال بعد ايراد ما نقلناه من المستدلّ المذكور : توجيهه أن يقال : علّة مقدورية شيء لفاعل هو امكان صدوره عنه بإرادته ـ كما يظهر من تفسير القدرة ـ ، وهذا بالنسبة إليه ـ تعالى ـ يعمّ جميع الممكنات ، إذ كلّ ما يمكن صدوره عن فاعل فهو ممكن الصدور عن الواجب بالذات بإرادته بلا واسطة أو بواسطة ينتهي إليه ضرورة انتهاء جميع سلسلة وجود جميع الممكنات إلى ارادته الموجودة لوجود العالم جملة ، فقدرته متعلّقة مطلقا بجميع الممكنات ، وهذا ممّا ليس