أمر عرضي اعتباري ـ كمفهوم الضرب والحركة ـ أو مفهوم الاتصاف. فلو جعل زيد مثلا عمروا متّصفا بالحركة فلو امكن للواجب أن يجعل عمروا متّصفا بتلك الحركة بعينها وبذلك الاتصاف ، لزم المفسدتان ؛ ولو لم يمكنه ذلك بل أمكن له اتّصافه بحركة أخرى بدل تلك الحركة حتّى تختلف الحركتان بالعدد وبتعدّد الاتصاف أيضا بالعدد وكان المقدور بالذات هو نفس الاتصاف المشترك بين الواجب وبين زيد وعدم لزوم عدم الاشتراك في المقدور بالذات حينئذ ـ لاشتراكهما في مفهوم الاتصاف ـ ؛ فيرد : انّ مفهوم الاتصاف أمر غير متحصّل في الخارج وليس مثل الطبائع الكلّية الموجودة في الخارج حتّى يكون وجودها الخارجي ووحدتها المعنوية مصحّحا لاشتراك المقدور / ١٠٣MB / بالذات. ولو صحّ مثل ذلك الاشتراك المقدور بالذات لصحّ أن يقال : المقدور بالذات هي نفس الايجاد والافاضة أو الوجود المطلق المشترك بين الموجودات ، ولا حاجة إلى جعل المقدور بالذات هو الماهية من حيث هي دون الوجود ـ كما ارتكبه هذا المجيب ـ. وعلى هذا فكلّ ما يصدر عن غيره ـ تعالى ـ أمكن أن يقال : انّه مقدور له ـ تعالى ـ إذا امكن له أن يوجد موجودا ما ولو كان مغايرا له في النوعية والجنسية لاشتراكهما في الايجاد والوجود المطلق. ولا ريب انّه لا مدخلية لمثل ذلك لعموم القدرة المطلوبة للقوم ، لأنّ ذلك ثابت لكلّ من يقدر على تأثير ما. فظهر ان الجواب الّذي ذكره هذا المجيب للشبهة المذكورة غير تامّ.
نعم! يمكن أن يقرّر هذا الجواب على وجه يصير تامّا ؛ وهو : انّ المقدور بالذات في مطلق الجعل ـ سواء كان المجعول جوهرا أو عرضا ، قارّا أو غير قارّ ، وبالجملة أيّ نوع منه كان حتّى مثل الاتصاف في مثل جعل الشيء شيئا آخر ـ هو الماهية. ومعنى كونها مقدورة لشيء أن يمكنه فعل الماهية ـ أي : جعلها موجودة بلوازمها ـ ، ولو كانت تلك الماهية مثل الاتصاف. ومآل الأقوال الثلاثة في الجعل ـ أعني : كون المجعول نفس الماهية أو الوجود أو اتصافها به ـ إلى أنّ الجاعل انّما يوجد الماهية ويخرجها من العدم إلى الوجود ، وإنّما الفرق في تعلّق الجعل أوّلا بنفس الماهية أو وجودها أو اتصافها به ؛ ولا مخالفة بينها في أنّ فعل الجاعل هو ايجاد الماهية وابرازها من كتم العدم إلى الوجود.