مقاصدهم ؛ لانّه لا ايراد على الرمز (٥). والحمل على الوجوب والامكان مبنى قاعدة الاشراق في النور والظلمة الّتي كانت طريقة حكماء الفرس مثل جاماسب وبوزرجمهر وغيرهما ممّن كان قبلهما ، قال العلاّمة الشيرازي في شرح حكمة الاشراق : وعلى الرمز يبتنى قاعدة أهل الاشراق ، وهم حكماء الفرس القائلون بأصلين أحدهما نور والآخر ظلمة ، لانّه رمز على الوجوب والامكان. فالنور قائم مقام الوجود الواجبي والظلمة قائمة مقام الوجود الممكن ، لا أنّ المبدأ اثنان : أحدهما نور والآخر ظلمة ، لانّ هذا ممّا لا يقول به عاقل فضلا عن فضلاء فارس الخائضين غمرات العلوم الحقيقية ؛ ولذا قال النبيّ ـ صلىاللهعليهوآله ـ في مدحهم : لو كان الدين بالثريا لتناوله رجال من فارس (١). ثمّ قال : وهي ـ أي : قاعدة الاشراق في النور والظلمة ـ ليست قاعدة كفر المجوس القائلين بظهور النور والظلمة وأنّهما مبدءان ، لأنّهم مشركون لا موحّدون ، وكذا كلّ من يثبت مبدءين مؤثّرين في الخير والشرّ كالقدرية ـ وكانّه بهذا المعنى أشار بقوله صلىاللهعليهوآله : القدرية مجوس هذه الأمّة ـ (٢). وليست أيضا قاعدة الحاد ماني البابلي الّذي كان نصرانى الدين مجوسي الطين ، وإليه ينسب الثنوية القائلون بإلهين أحدهما إله الخير وخالقه ـ وهو النور ـ والآخر إله الشرّ وخالقه ـ وهو الظلمة ـ. وليست / ١٠٤DB / أيضا قاعدة ما يفضي إلى الشرك بالله ـ تعالى ـ كقواعد بعض المشركين من المليين وغيرهم (٣) ؛ انتهى.
وعلى ما ذكره العلاّمة ليس مذهب الثنوية والمجوس قابلا للتأويل عنده بحيث يخرج عن الشرك والالحاد. وقد عرفت انّه يمكن أن يكون رمزا ومؤوّلا بما أوّل به قاعدة الاشراق ؛ بل قال بعضهم : انّ تاويل كلام الثنوية بما ذكر لو لم يكن أقرب من تأويل حكماء الفرس فليس بأبعد منه ؛ هذا.
وقد عدّ بعضهم الفلاسفة والمنجّمين والجبائية والنظام والبلخي أيضا من المخالفين في أصل عموم القدرة ؛ قال بعض المشاهير : (٤) هذا ـ أي : عموم قدرة الله
__________________
(٥) الاصل : + على الرمز.
(١) راجع : شرح حكمة الإشراق ، ص ١٨.
(٢) راجع : بحار الأنوار ، ج ٥ ص ٦ ؛ سنن أبي داود ، ج ٤ ، ص ٢٢٢ ، الرقم ٤٦٩١.
(٣) راجع : شرح حكمة الاشراق ، ص ١٩.
(٤) هامش « د » : هو الفاضل السماكي.