يمكن لنا أن نتصوّر ماهية الأربعة دون الزوجية ، لأنّ الزوجية ليست في تلك المرتبة ، لأنّ الماهية من حيث هي ليست إلاّ هي ، والزوجية تكون في مرتبة أخرى ؛ هذا.
وعلى القول بأنّ علّة التخصيص هو العلم بالأصلح نقول في الجواب عن لزوم التخلّف عن العلة التامّة : بأنّا لا نسلّم انّ انفكاك العلّة التامّة عن المعلول محال مطلقا ، بل إذا استلزم الترجيح من غير مرجّح ؛ ولمّا كان اختصاص وجود العالم بآن حدوثه مستندا إلى الإرادة الّتي هي عين الذات وعين العلم بالأصلح ، فالذات بملاحظة ما به يرجع الفعل اقتضت هذا الاختصاص ، فوجوب وجود العالم في الوقت المخصوص لا يستلزم الترجيح بلا مرجّح ، فلا يرد التخلّف المحال.
ثمّ الحقّ انّ محالية تخلّف العلّة عن المعلول قد يكون من حيث انّه مستلزم للترجّح بلا مرجّح ، وقد يكون من حيث انّه مستلزم للترجيح بلا مرجّح وإن استلزم الثاني الأوّل أيضا. فما قيل : انّ محالية تخلّف العلّة التامّة عن المعلول ليست من حيث انّه مستلزم للترجّح بلا مرجّح بل للترجيح بلا مرجّح ـ ولذلك ترى الأشاعرة لا يجوّزون ذلك مع تجويزهم الترجيح بلا مرجّح ـ لا يخفى ما فيه ؛ هذا.
وقيل : انّ المحالية الّتي ليست بالذات بل من حيث استلزامه للترجيح بلا مرجّح انّما هو محالية تخلّف العلّة التامّة عن المعلول ، لا محالية تخلّف المعلول عن العلّة التامّة ، إذ الظاهر انّ تخلّف المعلول عن العلّة التامّة محال لذاته مناقض لتمامية العلّية وعليته ؛ انتهى.
وفيه : انّه لا فرق بين تخلّف المعلول عن العلّة التامّة وتخلّف العلّة التّامة عن المعلول ، فانّه ليس شيء منهما محالا ذاتيا ، بل المحالية للاستلزام المذكور. نعم! قد يطلق العلّة التامّة على ما يترتّب عليه المعلول بالفعل ، وحينئذ فتخلّف المعلول عنه محال لذاته ، لكن لا فرق حينئذ أيضا بين تخلّف المعلول عن العلّة التامّة وتخلّف العلّة التامّة عن المعلول إلاّ بالعبارة ؛ هذا.
وأورد على الجواب الّذي ذكرناه أخيرا عن لزوم تخلّف العلّة عن المعلول : بأنّ تخلّف العلّة التامّة عن المعلول مستلزم للترجيح بلا مرجّح البتّة ، وحديث العلم