الممكنات على النظام الاكمل كانت القدرة والعلم والإرادة شيئا واحدا في ذاته مختلفا بالاعتبارات العقلية (١) ؛ انتهى.
ولا ريب في أنّ ما نسب إليه المشهور يظهر من كلامه هذا.
ثمّ الفرق بين مختاره ومذهب الحكماء : انّ ملحوظ الفاعل المختار في الايجاد عنده حال المعلولات وعندهم حال الايجاد ، فانّهم يقولون : اتمّ انحاء التأثير هو الدوام ، وهو يقول : الأصلح بحدوث المخلوقات.
فان قيل : كون الإرادة قديمة وعين الذات والعلم بالأصلح ينافي ما ورد عن ائمّتنا الراشدين ـ عليهمالسلام ـ من كونها حادثة ومن أنّها من صفات الفعل ومن الصفات الاضافية الّتي لا توجد ولا تعقل إلاّ مقرونة بفعل ومعية إليه ـ كالرازقية والرضاء والسخط ـ بخلاف العلم والقدرة ، فانّها من صفات الذات. وكذا ينافي ما ورد عنهم من أنّ المشية محدثة وانّ علم الله ـ تعالى ـ غير المشية سابق عليها ، ومن ان الله ـ تعالى ـ لم يزل عالما قديرا ثمّ أراد. وقد نقل جميع ذلك ثقة الاسلام ـ رحمهالله ـ في الكافي ، وأفاد بعد النقل ضابطة حاصلها : انّ كلّ صفة ثبوتية يوصف بها وبضدّها جميعا الباري ـ تعالى ـ كالارادة والكراهة فهي من صفات الفعل الزائدة على الذات حادثة ، وكلّ صفة تنفي عنه ضدّها كالعلم والقدرة فهي صفة الذات أزلية ، وإلاّ لا تصف بضدّها قبلها غير زائدة حينئذ لئلاّ يتعدّد القدماء (٢) ؛
قلت : المراد بالارادة والمشية فيما ورد عنهم ـ عليهمالسلام ـ تعلّقهما. ويقرب منه أن يكون المراد بالارادة في حقّه ـ تعالى ـ هو احداث الفعل على ما ورد عن العالم أنّ الإرادة من الله ـ تعالى ـ هو احداثه لا غير ذلك ؛ وحينئذ فلا منافاة.
وقال بعض الأعلام : لعلّ الإرادة الّتي غير زائدة على الذات هي المتعلّقة بمطلق الفعل وبوجود العالم جملة في الوقت الأصلح على أتمّ النظام ، وهي الّتي فيها الكلام ؛ / ٧٧DB / ولا يمكن سبق شيء عليها ولا اتصافه ـ تعالى ـ بضدّها ، كما انّ علمه بذلك
__________________
(١) راجع : رسالة شرح مسئلة العلم ، ص ٤٢.
(٢) راجع : الاصول من الكافي ، ج ١ ، ص ١١١.