لقبول الافاضة منه ـ تعالى ـ بدون ذلك. فان ثبت أن لا مؤثّر في الوجود إلاّ الله وانّ أصل الايجاد والافاضة منه ـ تعالى ـ ثبت المطلوب وإن كان ذلك بوسائط وشرائط ، وإلاّ فلا.
إلاّ أنّ اثبات تلك المقدمة لا يخلوا عن اشكال. والدليل المنقول من بهمنيار غير ناهض باثباتها ، لعدم تماميته وورود ما أوردنا من الاعتراض عليه. فالصواب أن نقول في اثبات المطلوب ـ أي : عدم جواز صدور ممكن مجرّد مختار من الواجب على طريق الايجاب وصدور العالم من هذا الممكن ـ إلى الوجوه المتقدّمة.
فان قلت : وان ثبت هذا المطلوب بتلك الوجوه السابقة ويبطل بها ثبوت الواسطة الصادرة من الواجب على طريق الايجاب مع كونها مختارا مؤثّرا في العالم بالاختيار ، إلاّ أنّه يبقي لتسليم ورود الاعتراض على الدليل المذكور اشكال آخر ، وهو جواز تأثير ممكن في ممكن آخر بالاستقلال وصحّة ايجاد بعض الممكنات لبعض آخر من دون افتقار إلى الواجب بالذات ، وهو مخالف للقواعد الاسلامية ومناف للظواهر القرآنيّة ، كقوله ـ تعالى ـ ( اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ) (١) و ( لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ ) (٢) و ( هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ ) (٣) إلى غير ذلك من الآيات المتعاضدة بالأخبار المتواترة.
قلت : عدم تمامية دليل على مطلوب لا يوجب عدم حقّية هذا المطلوب ، فانّ المقصود : انّ الدليل المنقول من بهمنيار لورود الاعتراض المذكور عليه لا ينهض حجّة قاطعة لاثبات المقدّمة القائلة بأن لا مؤثّر في الوجود / ٦٩MB / إلاّ الله ، لا أنّ تلك المقدّمة ليست في نفسها ثابتة. فانّ بعد انعقاد الاجماع ودلالة الكتاب والسنة على صحّتها واتفاق الحكماء على ثبوتها يجب الاذعان بها وان لم يتمّ هذا الدليل و (٤) غيره من الأدلّة أيضا ، خصوصا إذا لم يكن مانع من ثبوتها ولم يوجد له معارض عقلي.
فان قيل : المعارض موجود وهو وجوب المناسبة بين العلّة والمعلول وعدم
__________________
(١) جزء من كريمة ٦٢ ، الزمر.
(٢) جزء من كريمة ١٠٢ ، الانعام.
(٣) جزء من كريمة ٣ ، الفاطر.
(٤) الاصل : ـ و.