العدم إذا اضيف إلى شيء فله وجود في الذهن ؛ فيكون شيئا ويصحّ تعلّق القدرة به ـ أي : باستمراه ـ. وبذلك يندفع ما ربّما يتوهّم أن يورد في هذا المقام : انّ العدم بما هو عدم إذا لم يكن شيئا ولم يصحّ أن يكون متعلّق القدرة فلا تكون له صفة وجودية / ٨٨MB / ـ وهي الاستمرار واللااستمرار ـ ، لأنّ اللاشيء المحض لا تكون له صفة وجودية وإلاّ يلزم خلاف الفرض. وعلى ما ذكر من التفرقة بين العدم المطلق والعدم المضاف وكون عدم الفعل عدما مضافا يمكن أن يقال في جواب الشبهة : أوّلا : انّه إن اريد بالعدم العدم بما هو عدم فهو لا شيء محض لا يصحّ أن يكون متعلّق القدرة وليس فيه فعل وصفة وجودية ليصحّ تعلّق القدرة به ، لأنّه ليس إلاّ الانتفاء المحض ، إلاّ انّ عدم الفعل وعدم الشيء ليس من هذا القبيل ؛ وإن اريد به العدم المضاف فهو شيء من الأشياء ويصحّ أن يكون متعلّق القدرة.
واعلم! انّ الشبهة المذكورة لا خصوصية لها بالقدرة بالمعنى الثالث ـ أي : القدرة الملزومة لحدوث العالم الّتي تفرّد باثباتها المليون ؛ بل لا خصوصية لها بقدرة الله تعالى ـ ، وانّما هي شبهة لنفى القدرة مطلقا ، بحيث لو تمّت لدلّت على نفى قدرة العباد ونفي قدرة الله مطلقا ـ أي : سواء كانت بالمعنى الثاني الّذي قال به الحكماء ، أي : صحة الفعل والترك بالنظر إلى الذات ؛ أو بالمعنى الثالث الّذي تفرّد باثباته المليون ، أي : القدرة المستلزمة لحدوث العالم ـ. لأنّه إذا صحّ ما قيل في الشبهة ـ : انّ العدم نفي محض فلا يصحّ كونه متعلّقا للقدرة ـ يظهر منه انّ القول بامكان الترك بالنظر إلى الذات غير صحيح ، لأنّ الترك بمعنى العدم ، فلا يكون متعلّقا للقدرة. ويظهر منه أيضا انّ عدم العالم في بعض الأوقات بالقدرة والاختيار غير صحيح ، لأنّ العدم لا يكون متعلّقا للقدرة فيكون العالم معدوما في وقت عدم لا يكون بقدرة الله ـ تعالى ـ. وأيضا : الجواهر الحادثة بقدرة الله ـ تعالى ـ عدمها ازليّ بزعم الحكماء أيضا ، فيلزم / ٨٤DB / أن لا تكون مقدورة لله ـ تعالى ـ بالنظر إلى ذاته بمعنى كونها ممكنة الصدور واللاصدور بالنظر إلى ذاته ـ تعالى ـ ، لأنّ عدم صدورها لا يكون متعلّقا للقدرة.
والحاصل انّ الشبهة المذكورة لا يجري في نفي مطلق القدرة سوى القدرة بالمعنى