وردّ هذا الجواب بانّه يرجع إلى اختيار الشقّ الثاني الّذي ذكره المعترض ؛ وما أورده المعترض فيه لا يندفع بما ذكره ، إذ مراده انّ الممكن إذا وجد فهو موجود بالفعل وليس بالقوّة اصلا ، فيجوز أن يكون بذلك الاعتبار موجدا لشيء ، وإنّما هو بالقوّة بحسب أصل ذاته وعند ملاحظة العقل ذاته ، وهو بهذا الاعتبار ليس موجدا.
ولا يخفى انّ حاصل هذا الاعتراض يرجع إلى الاعتراض الأوّل الّذي ذكرناه ، ولا فرق إلاّ باشتماله على الترديد ، وهو لا يندفع إلاّ بالجواب المذكور مطلقا.
وأورد أيضا : بأنّ كلام التحصيل لا يدلّ إلاّ على أنّ الممكن لا يمكن أن يكون مؤثّرا في الوجود لا أنّه لا يمكن أن يكون شرطا وواسطة في الايجاد ، فلم لا يجوز ان يكون لبعض المجرّدات الصادرة عنه ـ تعالى ـ بالايجاب قدرة واختيار على ايجاد الاجسام ـ كقدرتنا واختيارنا على حركاتنا على مذهب الاشاعرة؟! ـ ويكون ايجاد العالم الجسماني الحادث عن المبدأ الأوّل القديم على سبيل الايجاب مشروطا بها ، فيكون واسطة بهذا المعنى. أي : بأنّه إذا تعلّقت قدرة هذه المجرّدات بايجاد العالم الجسمانى أوجده الله ـ على سبيل الايجاب ، كما يقول الأشعري في قدرة العبد بأنّه إذا تعلّقت قدرته بافعاله يوجد الله ـ تعالى ـ تلك الافعال ، وبدون تعلق القدرة لا يحصل ايجاد من الله ـ تعالى ـ.
وأجاب عنه بعض الأعلام : بأنّه يمكن نقل الكلام على هذا التقدير إلى تلك القدرة وعلّة حدوثها. فيلزم إمّا قدمها وقدم الاجسام الموقوفة عليها أو التسلسل.
ثمّ قال : فان قلت : لم لا يجوز أن يكون علم ذلك المجرّد القديم في الأزل بالأصلح بحال العالم الجسماني وارادته القديمة شرطا ومرجّحا لحدوثه عن الموجب القديم في الوقت الّذي هو الأصلح بحاله ، كما يقال في علّة تخصيص الفاعل حدوث فعله بالوقت المعين؟! ؛
قلت : فرق بين أن يكون صدور الفعل من الفاعل الموجب مشروطا بعلم شيء أخر وارادته وبين أن يكون علم الفاعل المختار نفسه مرجّحا لتعلّق ارادته في الأزل / ٦٧DA / بحدوث الفعل في وقت معيّن لمصلحة ، وعلى الثاني يمكن انفكاك الفاعل مع