فلم لا يجوز العكس ـ ... إلى آخره ـ » مطلوبا في كلام المورد ؛ بل هو خلاف ما يقتضيه المقام ، لأنّ مقصود المورد أن يمنع ما اتّفق عليه المليون من شمول قدرة الواجب ـ تعالى ـ لجميع الممكنات بلا واسطة أو بواسطة في بعضها ، وظاهر انّ منع ذلك والقول بجواز خصوصية بعض المقدورات لقدرة العباد ـ نظرا إلى أنّ بعض المقدورات له خصوصية بقدرة الباري تعالى دون العباد ـ ممّا لا وقع له اصلا ، لان المدّعي لعموم القدرة يقول : لجميع المقدورات خصوصية بالنسبة إلى قدرة الباري وليست لغيره قدرة في نفسه ، فكيف يصير ذلك سند المنع؟!.
والحاصل : انّ قولهم : خلق الجسم مختصّ بقدرة الله دون العبد لا يضرّ قولنا : كلّما هو مقدور فهو مقدور له ـ تعالى ـ ؛ وانّما يضرّ لو قلنا : كلّ مقدور فهو مقدور كلّ قادر ، ولم نفعل.
على أنّ المتعارف الشائع في الاستعمال ـ على ما ذكره المحقّق التفتازاني ـ قصر مدخول « الباء » على ما قبله ؛ يقال : خصّصت الفلان بالذكر ، أي : ذكرته دون غيره.
فقول المورد : يخصّصون خلق الاجسام بقدرة الباري ، معناه : انّ قدرته ـ تعالى ـ مخصوصة بخلق الاجسام ولا يتعلّق بخلق افعال العباد.
وبما ذكرناه يظهر أنّه لا يمكن أن يستدلّ صريحا أيضا بخصوصية بعض المقدورات بالنسبة إلى قدرة الباري ـ تعالى ـ على جواز خصوصية بعض المقدورات بالنسبة إلى قدرة غيره ، لأنّه لو سلّمت تلك الخصوصية فانّما هي الخصوصية الشرطية والوسطية دون الخصوصية الاستقلالية ، لانتهاء كلّ قدرة إلى قدرته ـ تعالى ـ. وإذا انتهى الكلّ إليه ـ تعالى ـ فلا يخلوا ممكن من كونه مقدورا له أو مقدورا لمقدوره ، ومقدور المقدور مقدور له ـ تعالى ـ بالنظر إلى ذاته وإن اقتضى نقصان جوهره أو صلاح نظام الخير لتخلّل الواسطة ، فيثبت عموم القدرة بالمعنى المشهور بلا واسطة ؛ هذا.
واعترض بعض الأفاضل على الدليل المذكور أيضا : بأنّه لا خصوصية له لعموم قدرة الواجب ـ تعالى ـ ، بل لو تمّ لدلّ على عموم قدرة كلّ واحد ، إذ الامكان الذاتي يكون نسبته إلى كلّ الفاعلين على السواء ، فلو كان كافيا كان كافيا بالنسبة إلى كلّ