اللهُ ) (١).
بقي الكلام في أنّه لم يختار / ٧٤MA / بعض الناس مرجّح الفعل ويتصوّره نفعا وبعض آخر مرجّح الترك ويتصوّره نفعا. ولم يختار بعضهم ما هو الخير والصلاح لهم في الواقع ويختار الآخرون ما هو الشرّ والفساد لهم في نفس الأمر؟ ، ولم يتصوّر هذا ما يدعوا إلى اختيار هذا ويتخيّل ذاك ما يدعوا إلى اختيار ذاك؟! ، وما الباعث في أنّ المؤمن يتصوّر حسن الايمان وصلاح التابعية والكافر يتصوّر قبح التابعية وحسن الطغيان؟ ، والزاني يختار لذّة العاجل وتارك الزنا يختار سعادة الآجل؟. ولا يخفى أنّ هذا شيء لا يمكن لنا علمه وليس لنا سبيل إلى دركه ، ولكن بحسب الاعتقاد انّه مستند إلى اسباب وأمور لا يوجب الجبر في التكليف وان لم نتمكّن من اثبات ذلك بالعقل.
وقد ظهر من ذلك أنّ المناط والحجّة في استناد حركات العباد إليهم بوجه آخر هو الضرورة والنقل ، دون البرهان والعقل.
وبذلك يظهر ضعف ما قيل : انّ البرهان العقلي قائم بأنّ الجواهر والاعراض المفارقة لذات الموجد ممّا هو مختصّ بالمبدإ الأوّل ـ تعالى ـ وهذا لا ينافي كون حركات العباد صادرة عنهم ، لأنّ مراده عن البرهان العقلي هو البرهان المنقول من بهمنيار ، وهو لو تمّ كان دالاّ على أنّ ايجاد كلّ موجود افاضة ـ أي : وجود كائن جوهرا أو عرضا مفارقا أو ماديا ـ مختصّ بالواجب بالذات وليس في منّته بما هو ممكن ما من الممكنات افاضة / ٧١DA / الوجود على ممكن آخر. وقد تقدّم أيضا في ادلّة اثبات الواجب انّ ممكنا من الممكنات لا يمكن أن يكون منشئا لوجوب الممكنات.
ثمّ إنّ بعض الأعلام قد علّل تقييد الاعتراض بالمفارقة وجواز ايجاد غير الواجب للاعراض الغير المفارقة لذاته ليترتّب عليه صحّة صدور أفعال العباد عنهم ، بأنّ المطلوب استثناء الحركة وجواز كون موجدها غير الواجب ممّا له معنى بالقوّة ، لأنّ مبدأ الحركة ليس مفيدا لوجود أمر بالفعل حتّى يجب أن يكون بريئا عن معنى ما بالقوّة ، فانّ الحركة ـ بمعنى كون الشيء بين المبدأ والمنتهى ـ على ما استقرّ عليه رأي
__________________
(١) كريمة ١٨٨ ، الاعراف.