هذا البعض صدور بعض آخر عنه وهكذا ، وكان نفس هذا المعلول وما في شأنه ولازم وجوده ـ أعني : اصداره على اصدار غيره ـ منه ـ تعالى ـ ، وكان الواجب ـ تعالى ـ هو الّذي أودع فيه هذه الخاصية كان الجميع منه ـ تعالى ـ وصدق التأثير الحقيقىّ في الجميع من الواجب الحقّ ، بل هذا أحسن انحاء التأثير الحقيقى وغاية ما يتصوّر من القدرة الكاملة في الجعل والايجاد ، لأنّ ايجاد معلول واحد ينطوي على جميع المعلولات على سبيل الاجمال أوّلا واخراج كلّ واحد على التفصيل على ما هو الأصلح والأليق ثانيا غاية ما يتعقّل من كمال الايجاد وحسنه! ؛ هذا.
واعترض أيضا على الدليل المنقول عن التحصيل : (١) بانّه إنّ المراد بالمعنى في قوله « معنى ما بالقوة » الصفة المختصّة في الواقع ؛ سلّمنا الملازمة لكن لا نسلّم انّ العقل كذلك ما تقرّر عندهم من انّه ليس له حالة منتظرة ،
وإن أراد به أعمّ من ذلك حتّى يشمل الامكان الذاتي الّذي يلتزمه العقل من مجرّد ملاحظة ذات الممكن منعنا الملازمة مستندا بانّه ليس للعدم ـ الّذي ينسب العقل ذات الممكن إليه وإلى الوجود ـ في الملاحظة تحقّق في نفس الأمر حتّى يكون له شركة في الوجود وكان لما بالقوّة شركة في اخراج الشيء من القوّة إلى الفعل ؛ انتهى.
وأجاب عنه بعض الأعاظم (٢) : بالفرق بين قولنا : معنى ما بالقوة بالتكثير ، وقولنا : معنى ما بالقوة بالإضافة. فانّ المراد من الأوّل هو أن يكون الذات بالفعل ويكون معنى ما وصفة من الصفات لم يحصل لها بالفعل بعد ما له بالقوّة ، وهذا لا يكون إلاّ في المادّيات ، لأنّ المجرّدات جميع صفاتها حاصلة لها بالفعل ؛
والمراد من الثاني ؛ أن يكون الذات والصفة كلاهما داخلتين تحت مفهوم ما بالقوّة ، وهذا المعنى شامل للماديّات والمجرّدات / ٧٠MA / إذ كلّ ممكن بما هو ممكن من حيث ذاته لا يكون إلاّ بالقوّة ومراد المستدل هو الثاني ؛ انتهى.
__________________
(١) هامش « د » : المعترض هو الفاضل السماكى ـ ره ـ. منه.
(٢) هامش « د » : هو السيّد الداماد ـ تغمّده الله بغفرانه واسكنه بحبوحة جنانه ـ. منه.