عليه (١) بغيره ، فكأنّه يكون به ؛ بخلاف الطرق الأخرى ، فانّه استدلّ فيها بالموجودات الممكنة وأحوالها ، ففيها استشهاد بغيره ـ تعالى ـ عليه.
وقيل : لأنّ الوجود والموجود عين بالنسبة إلى الواجب وزائد بالنسبة إلى الممكن ، فلم يستدلّ بغيره ـ تعالى ـ عليه.
وهو كما ترى! ؛ فانّ الوجود أو الموجود الّذي يستدلّ به على الواجب ليس عينه ـ تعالى ، كما لا يخفى! ـ.
قال بعض أهل التحقيق في سبب كون هذا الاستدلال من طريقة الصديقين : انّه نظر في الوجود المطلق والوجود المطلق المعرّى عن جميع القيود ، وهم جعلوه عين ذاته ـ تعالى ـ والموجود المطلق الّذي نظرنا فيه وإن لم يكن معرّى عن القيود بل هو لا بشرط القيود وفرق ما بينهما ، إلاّ انه من ذاته ـ تعالى ـ بذاته ، فهو وجه من وجوهه إلى حقيقته ، فكأنّما استشهد بانّه عليه ، إذ وجه الشيء هو الشيء بوجه. وبه يندفع ما قيل ، ويتقوّى ما قلناه.
ومنها : انّ مجموع الممكنات من حيث هو مجموع يجوز أن يصير شيئا محضا ـ لما مرّ من انّ جميعها في حكم ممكن واحد في جواز طريان العدم عليها رأسا ـ. ومجموع الموجودات من حيث هو موجود يمتنع أن يصير لا شيئا محضا ، امّا لأنّه لو جاز عدمه راسا للزم في صيرورته موجودا من سبب موجود يوجده فيلزم أن يكون موجودا قبل كونه موجودا ، وهو الدور ، فيجب وجود الواجب لذاته حتّى يمكن وجود غيره منه.
وما أورد عليه : بانّه إن اريد انّ مجموع الموجودات لا يجوز أن يكون معدوما مطلقا ـ أي : سواء جاز خروجه بعده إلى الوجود أم لا ـ ، فممنوع.
قوله : « وإلاّ لزم في خروجه إلى الوجود الدور » ؛
قلت : لعلّه جاز عدم جميع الموجودات رأسا ، لكن حينئذ لا يجوز خروجه إلى الوجود حتّى يلزم الدور. وإن اراد بانّه لا يجوز عدمها رأسا مع خروجها إلى الوجود ، فممنوع ؛ لكن نقول : انّ الممكنات أيضا تكون كذلك ـ أي : يمتنع عدمها راسا مع
__________________
(١) الاصل : ـ عليه.