الكلام بالزمان الثاني ولا احتياج حينئذ إلى التزام أنّ التكليف وقع في الحال بايقاع الفعل في ثانى الحال ، اذ يصحّ التكليف بايقاع الفعل في الحال أيضا ، إذ في زمان العدم يكون الفعل مقدورا بالمعنى المذكور ، إذ لو كان فعله في هذا الزمان لوقع الفعل مقارنا للقدرة. والحاصل : انّ في زمان العدم كان الفعل ممكنا وليس المقدورية المذكورة إلاّ هذا الامكان. نعم! بشرط العدم ليس بممكن ، ولا كلام فيه. وأمّا العلاوة المشار إليها بقوله : على أنّ التكليف بتحصيل الحاصل ـ ... إلى آخره ـ ، فليس جوابا ثانيا باختيار الشقّ الثاني مختصّا بتقدير تبديل الكفر بالايمان مبنيا على منع لزوم تحصيل الحاصل ، نظرا إلى أنّ التكليف حال الفعل ليس فيه تحصيل الحاصل المحال ، إذ مع فرض صحّة هذا الجواب عن الشقّ الثاني لا يندفع الايراد ، لأنّ الشقّ الأوّل كاف لتحقّق المفسدة ـ كما اشرنا إليه ـ. فان قول المورد : انّ استمرّ فكذا وإن تبدّل فكذا ، ترديد وتقسيم للحكم بحسب الواقع ، لا استفسار وسؤال حتّى يوجّه الجواب باختيار أحد الشقين ، إذ مع تحقّق المفسدة للشقّين في الواقع إذا وقع مفسدة أحد الشقّين يبقي مفسدة الشقّ الآخر بحاله. فهي ـ أي : العلاوة المذكورة ـ تتمّة لما تقدّمها من الدفع على أن يكون ما تقدّم جوابا تامّا للايراد يندفع به الشقّان وتكون تلك العلاوة زيادة مختصّة بالشقّ الثاني يكون مفادها منع أن لا تكليف مع الفعل لأنّ ذلك ليس تحصيل الحاصل المحال. ويكون حاصل الدفع بعلاوته إنّا لا نسلّم أنّ شرط تعلّق التكليف بالفعل المقدورية بالفعل حتّى يتأتّى المنافاة ويستغرب التأخّر ، بل / ٨٥MA / هو المقدورية على تقدير الاطاعة وفي وقتها. فلو مات على الكفر كان الايمان مقدورا له كذلك ، وهو مكلّف به إلى آن موته ، ولو آمن كان التكليف بالايمان إلى أوّل حدوثه وفعليته مقدوريته. على أنّه يمكن استمراره في حال الايمان أيضا ، ولا منافاة بناء على جواز تحصيل الحاصل بنفس ذلك التحصيل وجواز التكليف به ؛ انتهى ما قيل في دفع الايراد المذكور على الجواب الّذي ذكره الأشاعرة من دليل المعتزلة مع تنقيحه وتوضيحه.
وأنت تعلم انّ مناط هذا الدفع منع كون المقدورية بالفعل شرطا لتعلّق التكليف بالفعل. وهو مكابرة صرفة ، كيف! ولو لم تعتبر المقدورية الفعلية فعدم العصيان لازم