المتعارضة الواردة في هذا الباب.
قال بعض الأعلام ـ بعد اختياره تقدّم الاستطاعة على الفعل وايراده شطرا من الاخبار الدالّة عليه ـ : وأمّا ما نقل عنه ـ عليهالسلام ـ في روايتي البصري والنبلي ـ : انّه لا يكون الاستطاعة الاّ وقت الفعل ـ ، فمع ضعف الراوي واحتمال التقية يمكن حمل الاستطاعة على الاستطاعة المستقلّة الخارجة عن سلطان الله ـ عزّ وجلّ ـ بحيث لو اراد صرف العبد معها عن الفعل لم يمكنه ، كما زعمه اكثر المعتزلة حيث قالوا : انّ الله أراد من الكفّار والفجّار / ٨٧MB / الطاعة والايمان طوعا ولا يمكنه صرفها عن الكفر والعصيان إلاّ جبرا ، وإلاّ لفعله إذ يجب على قاعدتهم اقصى ما يمكن من اللطف وازالة العلل. وأمّا عند المتشبّثين بذيل أهل البيت ـ عليهمالسلام ـ فلا تخرج قدرة العبد عن سلطانه ولا يفعل فعلا إلاّ بتوفيقه أو خذلانه ، ولا يجب عليه كلّ مقرّب للطاعة ومبعّد للمعصية بالنسبة إلى كلّ أحد في كلّ حال ، بل ( فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً ) (١) ولا يكون للنّاس حجّة على الله بعد الرّسل (٢) والدلالات. وهو ـ سبحانه ـ مع ذلك / ٨٣DB / منزّه عن إرادة الشرور والقبائح بذاتها كما هو منزّه عن ايجادها كذلك. نعم! قد يخذل شخصا حسب استعداده على وفق مشيته ، ويلاحظ في ذلك خيرا كثيرا ولا يريد إلاّ ما هو الأصلح بالكلّ ولا يقع في الوجود إلاّ ما يشاء. فاذا فعل عبد خيرا علم انّه مستطيع عليه موفّق به ، وإذا فعل شرّا ظهر أنّه مستطيع عليه مخذول به. وأمّا قبل ذلك فلعلّ الله يصرفه عن ارادته ولا يأذن له ؛ فسبحان من تنزّه عن الفحشاء الّذي لا يجري في ملكه إلاّ ما يشاء ، ولا يخرج عن حوله وقوّته شيء في الأرض ولا في السماء ، بل بحول الله وقوّته يقوم العبد ويقعد. وروى ثقة الاسلام عن الصادق ـ عليهالسلام ـ انّه قال : الله اكرم من أن يكلّف الناس ما لا يطيقون ، والله أعزّ من أن يكون في سلطانه ما لا يريد (٣) ؛ انتهى.
وأنت بعد الاحاطة بما تقدّم تعلم ما في بعض كلمات هذا القائل
__________________
(١) جزء من كريمة ١٢٥ ، الانعام.
(٢) مقتبس من كريمة ١٦٥ ، النساء.
(٣) راجع : الاصول من الكافى ، ج ١ ، ص ١٦٠.