بان يكون في ضمن فرد معدّة لحصولها في ضمن فرد آخر ، لا في الايجاد بان يكون حصولها في ضمن فرد موجدة لنفسها في ضمن فرد آخر ، وفيما نحن فيه يلزم التوقّف في الايجاد لأنّ توقّف طبيعة الوجود في ضمن فرد على نفسها من حيث أنّها في ضمن فرد آخر انّما يكون من حيث افتقارها في حصولها في ضمن أحد الفردين إلى نفسها من حيث أنّها حاصلة في ضمن الفرد الآخر ، وهذا محال.
وإذ تقرّر ذلك فاعلم : انّ المراد من « طبيعة الايجاد » هنا الإيجاد الاضافي ، وهو أمر اعتباري ؛ وليس المراد به الايجاد الحقيقي ـ أعني : حقيقة الذات ـ ، وهو ظاهر. والمراد « بطبيعة الوجود » هو الوجود المطلق العامّ المشترك بين جميع الأشياء ، لأنّ المراد بالطبيعة ما كان مشتركا بين جميع الافراد متحقّقا فيها ؛ وقد عرفت في تحرير مذاهب الحكماء والمتكلّمين (١) أنّ المشترك بين الوجودات الخاصّة أو مهيات الاشياء ليس إلاّ الوجود المطلق ، وليس بين الوجودات الخاصّة عند الحكيم وبين مهيات الأشياء عند المتكلّم وجود مشترك آخر غير الوجود المطلق ، وهو واضح.
وحينئذ نقول : إن كان مراد السيّد ـ رحمهالله ـ انّ كلا من الطبيعتين موجود في الخارج ويلزم الدور بينهما ، ففيه : انّ الوجود المطلق والايجاد الاضافي ليسا بموجودين في الخارج ، بل هما اعتباريان منتزعان ، فلا يوجد أفرادهما في الخارج فضلا عن طبيعتهما ، ولو سلّم كونهما محصّلين ـ كالانسانية ـ فلا نسلّم وجود طبيعتهما في الخارج بوجود على حدة سوى وجود أفرادهما ، إذ محلّ الخلاف في وجود الكلّي الطبيعيّ ـ كما حرّره المحقّقون ـ انّ الطبيعة هل هي موجودة في الخارج بوجود افرادها حتّى تكون الطبيعة موجودة والفرد موجودا آخر ووجودهما واحد ، أو هي غير موجودة في الخارج اصلا ، بل الموجود فيه أفرادها فقط وهي موجودة في الذهن لا غير ، فعلى هذا لو كانت الطبيعة موجودة يكون وجودها بوجود افرادها ، فهي حينئذ موجودة بوجود كلّ فرد ، فيكون لها وجودات متعدّدة بحسب تعدّد الأفراد ، وما هذا شأنه لا يمتنع أن يتوقّف باعتبار أحد وجوداته على نفسه باعتبار وجود آخر ، وحينئذ
__________________
(١) في الاصل : المتألّهين.