الواجب ، وإلاّ لم يقبل ممكن منه التأثير مطلقا ـ. فأيّ ممكن فرض يكون قبوله التأثير من الواجب ثابتا له بالنظر إلى ذاته وإلى ذات الواجب ـ تعالى شأنه ـ. فلو فرض ممكن لم يقبل الأثر منه فليس ذلك بالنظر إلى ذات الواجب أو ذات الممكن ، بل إنّما هو بالنظر إلى أمر خارج من ذاتهما ، وما هو إلاّ ملاحظة أصلحية النظام الأكمل وعدم كون ايجاد ذاته أو ايجاد بعض ما يتوقّف عليه من الشروط والاسباب صلاحا بالنظر إلى النظام الأصلح.
ثم تحلّل الواسطة في بعض الممكنات إنّما هو إذا أخذت القدرة بمعنى صحّة الصدور واللاصدور بالنظر إلى الداعي في بعض الأوقات ـ أي : صحّتها بالامكان الوقوعي وعلى فرض الصدور أو اللاصدور فعلا ـ. وانّما لا بدّ في ايجاد بعض الممكنات من تحلّل الواسطة إمّا لنقصان جوهره وذاته من قبول الوجود بلا واسطة ، أو بملاحظة النظام الأصلح. وكذا ربّما كان عدم بعض الممكنات المعدومة بواسطة عدم بعض الممكنات الأخر ، ولو كان هذا البعض موجودا لكان البعض الأوّل أيضا موجودا ، فعدمه مستند إلى عدمه ، لكونه شرطا وواسطة / ٨٧DA / له. وأمّا إذا أريد بالقدرة المعنى المشهور ـ أعني : صحّة الصدور واللاصدور بالنظر إلى ذات الفاعل ـ فلا حاجة إلى الواسطة ، بل القدرة بهذا المعنى ثابت له ـ تعالى ـ بالنسبة إلى جميع الممكنات بلا واسطة ؛ لأنّ كلّما يفرض من الممكنات إمّا مقدور له ، أو مقدور لمقدوره ، ومقدور المقدور مقدور بالنظر إلى الذات وإن توقّف تعلّق القدرة به بالفعل على واسطة.
فان قيل : كما انّه يجوز اختلاف الممكنات في العلل ـ واختلاف عللها باختلافها ، ولذا بعضها يصدر عن الواجب بلا واسطة / ٩١MB / وبعضها يصدر عنه بواسطة عقل وبعضها بواسطة نفس وبعضها بواسطة حركة أو جسم ... إلى غير ذلك ـ فيجوز أن يكون بعضها ممّا لا يصلح شيء للتأثير فيه ، أو يكون علّته المستقلّة أو شرطه ممكنا معدوما حاله مثل ذلك البعض. والحاصل : انّه يجوز أن يكون ما به الاختلاف في بعض الممكنات على حقيقتها الخاصّة مقتضية لعدم صلاحية شيء للتأثير فيه أو مقتضية لقبول التأثير من معدوم حاله مثله سواء كان هذا المعدوم مؤثّرا مستقلاّ فيه أو واسطة