مع العدم في الحال (١) » ، اشارة إلى الجواب الأخير مع احتماله للحملين المذكورين ، ومع اختيار الشقّ الثاني ؛ وقد عرفت ما في الحملين وعدم تعين الشقّ الثاني في الاختيار.
قال بعض الأفاضل : لا يخفى انّ جواب المحقّق الطوسي جواب على كلّ من شقّي الترديد ، إلاّ أنّه ذكر الجواب على أحد الشقين وترك الآخر قياسا عليه ، فانّ حاصله : انّ القدرة إمّا قدرة على الوجود ، وإمّا قدرة على العدم ؛ فان كانت قدرة يختار أنّها متحقّقة حال الوجود ، لكنّها عبارة عن التمكّن من العدم ثاني الحال. وأمّا القدرة بالنسبة إلى الطرفين معا فلا يمكن تحقّقها إلاّ في مرتبة الذات إلاّ في حال من الأحوال ، إذ لا يمكن تحقّق حال تكون خالية عن كلا طرفي وجود الممكن وعدمه ليتصوّر تحقّق القدرة بالنسبة إليها معا هناك : انتهى.
ولا ريب في أنّ ما ذكره انّما هو مبني على الحمل الثاني.
ويرد عليه : انّ مراد المحقّق من القدرة هي القدرة المتعلّقة بالطرفين ، لأنّ القدرة عنده هي المتعلّقة بالطرفين لا المتعلّقة بأحد الطرفين ، إذ هو لا يقول بها. وقد عرفت أيضا انّ المعتبر في القدرة حصول التمكّن من كلّ منهما في زمان واحد ، لا أن يكون التمكّن من الوجود في زمان ومن العدم في زمان آخر. وقد شنع هذا الفاضل نفسه في مقام آخر على بعض من اعتبر في القدرة التمكّن على أحد الطرفين ، فالواجب أن يحمل كلامه على أنّه يمكن اجتماع القدرة على المستقبل ـ أي : على الفعل فيه أو الترك كليهما ـ مع عدم الفعل أو الترك في الحال. على أن يكون أحد الشقّين محالا على المقايسة مع اعتبار وحدة زمان الطرفين بأن يصدق في حال العدم انّه قادر على كلا طرفي الفعل في الاستقبال ، لا على الوجود فقط. وكذا في حال الوجود يكون قادرا على كلا الطرفين في الاستقبال لا على العدم فقط.
والأظهر أن يحمل عبارته على أنّه يمكن اجتماع القدرة على المستقبل ـ أي : على الفعل والترك ـ فيه في حال عدم القدرة ، / ٨٣MA / وحينئذ لا يكون أحد الشقّين محالا
__________________
(١) راجع : تجريد الاعتقاد ، المسألة الاولى من الفصل الثاني من المقصد الثالث ؛ كشف المراد ، ص ٢١٨.