عن هذا الشيء بالنظر إلى ذاته وان لزم تخلّل الوسائط بالنظر إلى الأمور الخارجة ، فالبعض المذكور ممكن الصدور عنه ـ تعالى ـ بلا واسطة. فتتعلّق القدرة بالمعنى المشهور به بلا واسطة. وإن كان هذا المؤثّر ـ أي : مؤثّر ما فرض عدم تعلّق القدرة به ـ معدوما نظرا إلى فرض عدم هذا البعض الّذي فرض أن القدرة لا يتعلّق به وادّعى انّ مؤثّر هذا المؤثّر أيضا معدوم ـ ... وهكذا إلى غير النهاية ـ فقد عرفت انّه لا بدّ لجميع هذه المعدومات الممكنة من مؤثّر وينتهى إلى الواجب ـ كما مرّ توضيحه ـ. وإذا انتهى إلى الواجب ثبت تعلّق القدرة به ، فان لم يوجد فظاهر ـ فانّما ذلك لأجل المصالح الراجعة إلى أحسن النظام ـ ، وتعلّق القدرة به نظرا إلى ذاته ـ تعالى ـ ثابت ؛ هذا.
وقال بعض المشاهير في دفع المنع المذكور : على قاعدة الاعتزال ـ أعني : جواز كون الخصوصية مانعة من تعلّق القدرة ـ انّ كلّ ما يمكن صدوره من الغير يمكن صدوره عن / ٩٠DB / الواجب باعتبار كونه فاعلا ـ أي : بدون اعتبار كونه مريدا وعالما بنظام الخير ـ وإن لم يجز صدور بعض ما يصدر عن الغير عنه ـ تعالى ـ مع هذا الاعتبار ـ إذ لا يلزم من كون الشيء ممكن الصدور عن الغير كونه متعلّقا لقدرة الواجب المستجمعة لجميع شرائط التأثير ـ ، فعلى قاعدة الاعتزال لا يلزم إلاّ جواز أن تكون خصوصية بعض المعدومات الممكنة مانعة من تعلّق القدرة الشاملة لجميع شرائط التأثير الّتي من جملتها الإرادة ، لا جواز أن تكون الخصوصية مانعة من تعلّق مطلق القدرة ، بمعنى انّه لو اراد ما له تلك الخصوصية لم يقع بقدرته. فالمدّعى : انّ نسبة الذات مع اعتبار كونه عين العلم والإرادة بالنسبة إلى جميع الممكنات الّتي لها امكان الصدور عن الواجب على سواء وانّ نسبة الذات من حيث هي بدون اعتبار كونه عين العلم والإرادة بالنسبة إلى جميع الممكنات الّتي لها امكان الصدور عن الغير على سواء ، ولا خفاء في صدق هذين الحكمين ؛ انتهى ما ذكره بأدنى تغيير.
وحاصله : انّ خصوصية بعض الممكنات ليست مانعة من كونه متعلّقة للقدرة بالمعنى المشهور ـ أعني : امكان الصدور واللاصدور بالنظر إلى الذات ـ ، فهو ممكن الصدور عن الواجب بالنظر إلى ذاته وإن امتنع صدوره عنه بالنظر إلى داعي الإرادة و