الثابتة المتميّزة مانعة من تعلّق القدرة به ، وعلى قانون الحكمة جاز أن يستعدّ المادّة لحدوث ممكن دون آخر ؛ وعلى التقديرين لا تكون نسبة الذات إلى جميع الممكنات على السواء.
ثمّ لا ريب في أنّ مذهب الأشاعرة ظاهر الفساد ، لانّه لو صحّ لزم أن لا يتصوّر اختلاف بنسبة الإرادة وتعلّقها ـ أيضا ـ إلى الممكنات ، فلا يتصوّر اختلاف نسبة الايجاد بأن يوجد بعض الممكنات دون بعض ، بل لا بدّ أن يوجد الجميع أو لا يوجد شيء أصلا. بل لا يتصوّر اختلاف النسبة إلى الاوقات أيضا ، فلا بدّ أن يوجد ما يوجد في وقت واحد ؛ بل إذا كان المعدوم نفيا محضا لم يثبت له الامكان حتّى يثبت له المقدورية. وإن يثبت له الامكان يثبت له سائر لوازم الماهية ، فيثبت التمييز ويتحقّق اختلاف النسبة. وإذا كان هذا المذهب ظاهر الفساد فلا يمتنع اختصاص البعض بمقدوريته ـ تعالى ـ دون بعض! ؛
قلنا : جواب هذا الايراد وإن ظهر من الكلمات السابقة ولكن نعيده توضيحا ونقول : لا ريب في تمايز المعدومات نظرا إلى ثبوت الوجود الذهني ، فهي متمايزة في التعقّل. لكن التمايز لا يصير منشئا لعدم تعلّق قدرة الواجب ببعضها ، لأنّه لا ريب في أنّ الامكان علّة للاحتياج إلى المؤثّر ، فجميع الممكنات محتاجة إلى المؤثّر. فما يفرض من أنّه يمكن أن لا يتعلّق قدرة الواجب به / ٩٥MA / نقول : لا ريب في احتياجه إلى مؤثّر ، فمؤثّره إن لم يكن واجب الوجود وافترض مميزه (١) أن يكون مؤثّره غيره ـ تعالى ـ فان كان هذا المؤثّر موجودا ينتهى وجوده إليه ـ تعالى ـ البتة ؛ لدلالة ادلّة اثبات الصانع على انتهاء جميع الموجودات وقوّة جميع الفواعل وتأثير جميع المؤثّرات إليه ـ تعالى ـ ، فيكون هذا البعض معلولا له بالواسطة. وإذا كان معلولا له يكون معلولا له بالقدرة والاختيار ولو كان عدم ايجاده أيضا ممكنا له ، وانّما وجب وجوده بالداعي ـ لما مرّ مرارا من أنّ تأثيره تعالى في جميع معلولاته إنّما هو بطريق الاختيار ـ.
ثمّ لمّا كان هذا البعض موجودا منه ـ تعالى ـ بالواسطة فينتهي سلسلة الوسائط إلى ما هو موجود منه ـ تعالى ـ بلا واسطة. وما يوجد ممّا وجد عن الشيء يمكن أن يوجد
__________________
(١) كذا في النسختين.