الاستفاضة ، وهما متقابلان ـ لأنّ الافاضة اعطاء المفيض ما هو واجده والاستفاضة قبول المستفيض ما هو فاقده ـ ، فلو كانا شيئا واحدا لكان ذلك الواحد مقابلا لنفسه وكان واحدا فاقدا لشيء واحد ؛ وفساده بيّن. نعم! يمكن أن يكون شيء واحد ذا جهتين يفيض بإحداهما ويستفيض بالأخرى ، ومثل هذا يجب أن يكون مركّبا لا يمكن أن يكون واجب الوجود ـ كما يأتي ـ.
وان كان الفاعل والموجد لهذا الشيء فيها شيئا آخر فان كان هذا الشيء الآخر واجبا لم يكن ما فرضناه واجبا واجبا ـ لافتقاره إلى الغير الّذي هو الواجب بالذات ـ ؛ وان كان ممكنا وكلّ وجود ممكن يرجع إلى الواجب فان رجع إلى واجب آخر غير ما فرضناه واجبا لزم خلاف الفرض أيضا ، وان رجع إلى الواجب الّذي فرضناه واجبا كان الواجب مع لزوم كونه محتاجا إلى الممكن ـ وهو أشنع كلّ محال! ـ فاعلا أيضا لما هو قابل له ، وان كان بتوسّط ـ لعدم الفرق في استحالة كون الشيء فاعلا وقابلا بين أن يكون ذلك بغير توسّط أو بتوسّط ـ. فكلّ صفة ممكنة للواجب ـ تعالى ـ يجب أن يكون متّصفا بها بالفعل من غير انتظار. والقدرة بهذا المعنى من الصفات الممكنة له ، فيجب اتصافه ـ تعالى ـ بها بالفعل.
وأورد عليه ايرادات ثلاثة :
الاول : انّه يلزم منه أن يكون الفاعل بالطبع فاعلا مختارا إذا لم يكن اقتضاه تامّا ، بل كان مشروطا بشرط مفارق عن طبيعته لصدق صحّة الفعل والترك عنه بالنظر إلى ذاته ، بل في نفس الأمر لامكان عدم تحقّق ذلك الشرط فيه ؛
وردّ بأنّ الشعور والإرادة معتبرتان في الفاعل المختار.
الثانى : انّه يلزم منه أن يكون الواجب ـ تعالى ـ ممكن الفاعلية / ٣٥MA / واللافاعلية ، فلا يكون تامّ الفاعلية مع أنّ فاعليته ثابتة ، وليس فيه جهة امكانية وقوّة ، ولا قدرته داخلة تحت مقولة من المقولات ، بل هو واجب الوجود من جميع الجهات وصفاته فعلية بكلّ الحيثيات ؛ وبالجملة يلزم من ثبوت القدرة بهذا المعنى له ـ تعالى ـ أن يكون له ـ تعالى ـ شوب قوّة وجهة امكانية. وقد بيّنتم أنّ كل ما