بل في هذا الأمر المتجدّد (١) ؛
قلنا : تاثير المؤثّر في استمرار الوجود وبقائه ، فانّ الحاصل بالحدوث ليس إلاّ الوجود في زمانه وحصول شيء في زمان لا يوجب حصول استمراره وبقائه ، فابقاء الوجود وادامته من المؤثّر ، وهو غير حصول نفس الوجود. والحاصل : انّ اتصاف الماهية الممكنة بالوجود في زمان حدوثه كما لم يكن مستندا إلى ذاته بل إلى المؤثّر الخارج عن ذاته ـ لاستواء نسبة ذاته إلى الوجود والعدم ـ كذلك اتصافها به في الزمان الثاني والثالث وما بعدهما من الازمنة ليس مستندا إلى ذاتها ، بل إلى علّة خارجة ، لانّ استواء نسبة ذاتها إلى وجودها وعدمها أمر لازم لذاتها لا ينفكّ عنها في جميع الاوقات والحالات ، واتصافها بالوجود في زمان الحدوث هو اتصافها باصل الوجودات واتصافها به في الازمنة الّتي بعده هو اتصافها بالبقاء ، فهو في وجودها ابتداء وفي استمرارها وبقائها محتاجة إلى العلّة الّتي تعطيها الوجود ويديمه لها ، وحاجتها إليها في الابتداء والبقاء سواء. فلو فرض انقطاع تاثير المؤثّر عن العالم في آن لصار معدوما ، كما انّ المستضيء بمقابلة الشمس إذا حجب عنها زال ضوئه وصار مظلما (٢).
المقدّمة الخامسة
في ابطال الدور والتسلسل
أما « الدور » فهو أن يكون أحد الشيئين متوقّفا على الآخر ومعلولا له ، ويكون الآخر أيضا متوقّفا عليه ومعلولا له ، إمّا بلا واسطة ويسمّى « دورا مصرّحا » أو بواسطة ويسمّى « دورا مضمرا ».
والدليل على بطلانه انّ ما هو المتوقّف والمعلول يجب أن يكون متأخّرا عن
__________________
(١) راجع : الشرح الجديد ص ٧٠. شوارق الالهام ص ١٣٨. تلخيص المحصّل ص ١٢١.
كشف المراد ص ٥٦.
(٢) راجع : المصدرين الاوّلين من المصادر المذكورة في التعليقة السالفة.