كما في غير الواجب ـ كانت هيئات زائدة على الذات قائمة بها يصير منشئا لآثارها ، وإن كانت عين ذات الموصوف ـ كما في الواجب ـ كانت هي نفس الذات ولم تتحقّق بإزائها هيئات قائمة ، فالحقيقة الّتي بإزائها في الخارج هي الذات لا غير ، فالمبدأ لتلك الصفات في الأوّل هو الهيئات والكيفيات وفي الثاني هو نفس الذات.
وأمّا الصفات الاضافية فمفهومات اعتبارية محضة في الواجب وغيره ، ولا يتفاوت فيهما. نعم! يتحقّق التفاوت في مبدئها ، فانّ مبدأها وما ينتزع هذه الصفات عنه في ما صفاته عين الذات هو نفس الذات وفي غيره هو الهيئات والكيفيات القائمة به ، فالواجب ـ تعالى ـ مع اتصافه بجميع الصفات الكمالية وتقدّسه عن النقائص الامكانية لا تتحقّق كثرة في ذاته ولا في جهاته ، لا أنّ شيئا أو جهة منه علم وشيئا وجهة منه قدرة أو إرادة أو غير ذلك حتّى يلزم التركيب المقتضي للاحتياج المنافي لوجوب الوجود ، ولا أنّ شيئا فيه علم وشيئا فيه قدرة أو إرادة حتّى تكون محلاّ للاعراض ممكن الاتصاف بها (١) ، بل حيثية ذاته وهويته البسيطة الّتي لا تكثّر ولا امكان فيها بوجه هي بعينها حيثية صفاته الذاتية الحقيقية. نعم! في التعبير عنها تغاير بمجرد اعتبار الذهني وملاحظة العقل لا بحسب الواقع والخارج ، فكما أنّه من حيث هو منشأ للآثار وجود كلّه كذلك من حيث هو منشئا لانكشاف الأشياء علم كلّه ومن حيث هو منشئا لصحة الفعل والترك قدرة كلّه ومن حيث هو مبدأ لرجحان فعل العالم ـ أعني : النظام الأكمل والأصلح بحال العالم ، بل وجوب صدوره كذلك عنه ـ إرادة كلّه ، وكذلك في غيرها.
فجميع صفاته الحقيقية راجعة إلى حيثية وجوده الّتي هي عين حيثية ذاته.
وأيضا جميع صفاته الاضافية راجعة إلى اضافة واحدة هي المبدئية وهي المصحّحة لجميع الاضافات ـ كالرازقية والمصورية وغير ذلك ـ ، وتغايرها بتغاير الأشياء المضاف إليها.
__________________
(١) راجع : الحكمة المتعالية ، ج ٦ ، ص ١٢١.