المراتب العددية ومجرّد الترتّب يكفى لاجراء التطبيق ، وهو ظاهر ؛ هذا.
واعلم! انّه يمكن تقرير برهان التطبيق بوجه آخر لا يتوقّف على تحليل السلسلة الغير المتناهية إلى سلسلتى العلل والمعلولات والتطبيق بين آحادهما ؛ بل نقول : لو وجدت سلسلة غير متناهية فان كانت غير متناهية من طرف واحد نسقط عدّة متناهية من الطرف المتناهي ، ولو كانت غير متناهية من الجانبين فسقطناها من البين واعتبرنا كلّ قطعة على حدة ، ثمّ نسقط العدّة المتناهية من المبدأ فالباقى في الصورتين أيضا سلسلة غير متناهية ناقصة عن السلسلة الاولى بتلك العدّة ؛ فاذا طبّقنا التامّة على الناقصة بان فرضنا الجزء الأوّل من التامّة بإزاء الجزء الأوّل من الناقصة والثاني بإزاء الثاني وهكذا فامّا تذهب هذه المساوات حتى تستغرق السلسلتين ، فيلزم مساواة الكلّ لجزئه ، بل يزيد الكلّ على جزئه وهو باطل ؛ أو تنتهى الناقصة فتنتهى التامّة أيضا لزيادتها عليها بعدد متناه ، وقد فرضت غير متناهية ؛ هذا خلف!.
ومنها : انّه لو تسلسلت العلل إلى غير النهاية اسقطنا المعلول المحض من السلسلة ولا يضاف كلّ واحد من الآحاد الّتي فوقه بعد وصفي العلية والمعلولية تنحلّ السلسلة إلى جملتين متغايرتين بالاعتبار إحداهما مركّبة من العلل والأخرى من المعلولات ، وإذا طبّقنا بين آحاد الجملتين ـ اعني كلّ واحد من المعلولات على كلّ واحد من العلل ـ لزم زيادة وصف العلية على وصف المعلولية ، لانّه لا ينطبق حينئذ كلّ علة على معلولها لخروج المعلول الاخير ـ بل على معلول علّتها المتقدّمة عليها بمرتبة ، وذلك المعلول هو نفس تلك العلّة الّتي تنطبق عليه ، فالعلة والمعلول ـ اللّذان يحصل بينهما الانطباق ـ شيء واحد وإنّما يتغايران باعتبار وصفي العلية والمعلولية ، وبهذا الاعتبار يتصوّر الانطباق بينهما. فكلّ علة ومعلول منطبقين لا بدّ ان تكون قبلهما علّة ، لانّه إذا اجتمعت العلّيّة والمعلولية المنطبقتين في واحد واستندت معلوليته إلى علة مقدّمة عليه وجب أن تتقدّم علّة على كلّ منطبقين من العلة والمعلول ، فإذا انطبقت افراد المعلولات بأسرها ـ بحيث لم يبق منها واحد غير منطبق ـ كان هناك علّة متقدّمة على جميع المنطبقات لم ينطبق عليها شيء من افراد المعلولات ـ وإلاّ لزم أن ينطبق معلول من تلك المعلولات على علّته