سوى الواجب ، فيكون مؤثّرها واجب الوجود لذاته. وعدم تأثيره فيها حينئذ وبقائها على العدم انّما هو لملاحظة النظام الأصلح لعدم تصوّر شيء سواه ، وبذلك يثبت المطلوب.
وليس لأحد أن يقول : انّ كلّ واحد من تلك السلسلة المعدومة وإن كان ممكنا لكن مجموعها ممتنع ؛ لأنّ حكم المجموع حكم الآحاد بالضرورة ، والمنكر مكابر!.
ثمّ إذا انتهى الاحتياج إلى الواجب يكون تأثيره على سبيل القدرة والاختيار ـ لمّا ثبت من كونه تعالى قادرا مختارا ـ ، فما ذكره المعترض من جواز أن يكون بعض الممكنات المعدومة بحيث يصلح الواجب للتأثير فيه على سبيل الايجاب ساقط.
وعلى ما ذكرناه يظهر اندفاع ما قيل : انّ كون الامكان علّة للحاجة إلى المؤثّر وانتهاء جميع المؤثّرات إلى الواجب ـ تعالى ـ وكون تأثيره مساوقا للقدرة بمعنى انفكاك ذاته عن العالم لا يثبت مقدورية كلّ ممكن بمعنى امكان تعلّق القدرة به بلا واسطة ، مع
أنّ المقدورية بهذا المعنى هي الّتي وقع التنازع فيها بعد الاتفاق في مقدورية الفعل المطلق له ـ تعالى ـ.
وانّما قلنا : لا يثبت المقدورية بالمعنى المذكور ، إذ للخصم أن / ٨٧DB / يقول : صدور بعض الممكنات إنّما يكون عن بعض مقدوراته ـ تعالى ـ طبعا أو اختيارا أو عنه بدون إرادة مشروطا بوقوع بعض مقدوراته ـ كما قد يكون صدور بعض الأفعال الطبيعية للحيوان مشروطا ببعض أفعاله الارادية ـ ، وانفكاك الفاعل عن فعل انّما يستلزم (١) مقدوريته له إذا كان هذا الانفكاك بسبب علمه وارادته لا مطلقا ـ أي : ولو كان لأجل توقّفه على / ٩٢MA / بعض الشرائط فعلا كان أو غيره ـ ، إذ القدرة بأيّ معنى فسّرت يعتبر فيها سببية المشية للصدور وعدمه. نعم! عدم صدور الفعل عنه أزلا اصلا وصدور العالم وقت حدوثه حيث لا يتصوّر إلاّ بمشية العلم والإرادة لا لأجل التوقّف على فعل آخر استلزم مطلقا القادرية ومقدورية المطلق له ؛ انتهى.
ووجه الاندفاع ما تقدّم من أنّ كون الامكان علّة للحاجة إلى المؤثّر وانتهاء
__________________
(١) الاصل : + يستلزم.