لم يشاهد شيئا بالفعل ، ولذا يطلق البصير على النائم ومغضوض البصر من غير تجوّز ، ولكنّه إذا أبصر شيئا بالفعل لا بدّ من لحوق اضافة بين البصر والمبصر ؛ وليست هي عين كونه بصيرا ، بل هي عارضة له ـ وقس عليه العلم والقدرة وغيرهما ـ.
والصنف الثانى : الصفات الاضافية ؛ وهي الّتي مفهوماتها محض الاضافة إلى الغير وليس لها حقيقة مستقلّة كالخالقية والرازقية وأمثالهما (١) ـ ؛ هذا.
وفي احاديث ائمتنا الراشدين قد قسّمت صفاته الثبوتية إلى صفات الذات ، وإلى صفات الأفعال (٢). والمراد بالأولى هي الصفات الثبوتية الّتي يمتنع انفكاكها عن الذات ـ كالوجود والحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر ونحوها ـ. وهي صفات كمالية ثابتة له ما دام الذات ازلا وابدا. ومن خواصّها أنّه يمتنع اتصافه ـ تعالى ـ باضدادها ـ كالعدم والموت والجهل والعجز والصمم والعمى ونحوها ـ ؛
والمراد بالثاني الصفات الثبوتية الّتي لا يمتنع انفكاكها عن الذات ـ كالايجاد والادراك والإرادة والرؤية والسمع ونحوها ـ. والمنقسمان متقاربان ، فانّ حاصلهما انّ صفاته لعدم كونها موجودة في نفسها وزائدة على ذاته مفهومات اعتبارية منتزعة إمّا من ذاته ـ تعالى ـ مع قطع النظر عن جميع ما سواه ـ وهي الصفات الكمالية الّتي عبّر عنها أهل البيت عليهمالسلام بصفات الذات ، والحكماء والمتكلّمون بالصفات الحقيقية ـ ، وإمّا من ذاته باعتبار بعض افعاله ـ تعالى ـ ، وهي الّتي عبّر عنها الائمّة ـ عليهمالسلام ـ بصفات الأفعال ، والحكماء بالصفات الاضافية. نعم! بعض أفراد القسم الأوّل على التقسيم الأوّل ـ وهو الحقيقة ذات الاضافة ـ يدخل في القسم الثاني من القسم الثاني.
ثمّ الصفات الحقيقية سواء كانت ذات اضافة أم لا إن لم تكن عين ذات الموصوف ـ
__________________
(١) وهناك تقسيم آخر في صفاته ـ تعالى ـ عند أبي هاشم وعند قاضي عبد الجبّار. راجع : مناهج اليقين ، ص ١٥٩. وانظر : نفس المصدر ، ص ٢٢٧.
(٢) ما وجدت فيما بأيدينا من الأحاديث نصّا وجد فيه هذا التقسيم. نعم ، في بعضها توجد « صفات الافعال » ، راجع : بحار الأنوار ، ج ٤ ، ص ١٤٥. وقال الصدوق ـ رضى الله عنه ـ معلّقا على ما رواه عن الصادق ـ عليه وعلى آبائه وأولاده آلاف التحيّة والثناء ـ : إذا وصفنا الله تبارك وتعالى بصفات الذات ... وما يشبه ذلك من صفات الأفعال بمثابة صفات الذات ... ؛ راجع : التوحيد ، ص ١٤٨.