الشيء من القوّة إلى الفعل ، وهو باطل. ضرورة انّ أحد المتقابلين لا يمكن أن يكون دخيلا في تحقيق الآخر ؛ انتهى.
وأنت تعلم انّ هذا التقرير لا يدفع الاعتراض المذكور.
ويرد عليه : انّه لم لا يجوز أن يكون الوجود الصادر من الممكن مترتّبا على ماله من الغير فقط؟!.
وما ذكره من انّه يلزم أن يكون المفيد بالحقيقة حينئذ هو الغير لا الممكن ؛ ففيه : ما تقدّم من انّه لا يلزم على هذا التقدير إلاّ كون هذا الغير الّذي هو فاعل الممكن علّة بعيدة وهو لا يستلزم أن يكون الموجد إلاّ هو.
واعترض أيضا : بأنّ مدلول كلام التحصيل : انّ ما فيه معنى ما بالقوّة لا يمكن أن يكون مفيدا للوجود لا أنّه لا يمكن أن يكون واسطة في الايجاد ، فهو إنّما ينفي كون الممكن مستقلاّ في التأثير ولا ينافي كونه واسطة.
وفيه : انّ كون الممكنات وسائط سريان الفيض والجود ممنوع ؛ لا أنّ اثبات الوسائط في الوجود وترتبها لا ينافى عدم تأثير غيره ـ تعالى ـ في ايجاد شيء ، لأنّها روابط ومصحّحات لسراية فيض وجوده في الاخر ، وليس لها رتبة الابداع والايجاد ، بل شأنها التحريك والاعداد ؛ وهذا غير قادح فيما نحن بصدد اثباته ـ وهو عدم جواز ايجاد ممكن لممكن آخر ـ. فانّه إذا ثبت انّه لا يجوز أن يوجد ممكن بالاستقلال ممكنا آخر ثبت أنّ ما ثبت حدوثه ـ أعني : العالم الجسماني ـ لا يجوز أن يصدر من ممكن مختار مجرّد صدر من الواجب على طريق الايجاب ، بل يكون موجده ومؤثّره هو الواجب. وإذا كان موجده ومؤثّره هو الواجب ـ تعالى ـ ثبت قدرته واختياره نظرا إلى حدوثه ـ أي : حدوث / ٦٦DA / هذا المعلول الّذي هو العالم الجسماني ـ وكون غيره ـ أعني : الفعل مثلا ـ واسطة في الايجاد ورابطة لا يصال الأثر غير قادح في ذلك ، لأنّه إذا كان أصل الافاضة وايصال الأثر منه ـ تعالى ـ يحصل الانفكاك بين الواجب وبين ما هو مفاضه ومعلوله ، فيحصل به المطلوب وان كان بينهما وسائط في الاعداد وشرائط لقبول المعلول أصل الوجود منه ـ تعالى ـ نظرا إلى عدم استعداده