والزمان واقعة في الزمان ، فمرادهم من القدم الزماني هو الابداع المرادف للحدوث الذاتي. فبعد اصطلاحهم على ذلك لا يضرّهم دلالة لفظ القديم الزماني على لزوم كونه في الزمان ؛ مع أنّ هذه الدلالة ممنوعة.
ثمّ التحقيق انّ افلاطون كأرسطاطاليس في القول بالابداع المحتمل للحدوث الذاتي والدهري.
وإذا كان ما ذهبوا إليه من الابداع محتملا للحدوثين فيمكن أن يكون الحدوث المتنازع فيه بينهم هو الحدوث الدهري بعد اتفاقهم على الحدوث الذاتي ـ كما حقّقه السيد رحمهالله ـ ، بمعنى انّهم بعد اتفاقهم على افتقار العالم واحتياجه إلى الواجب يتنازعون في انّه هل تقدّم على العالم مجرّد العدم الذاتى أو ما هو فوق ذلك ـ أعني : العدم الواقعي الصريح ـ ، ويحتمل ـ كما نقلناه عن بعض الأفاضل ـ أن يكون الحدوث المتنازع فيه هو مطلق الحدوث من غير تقييد بشيء من الذات والدهر والزمان ، بل بمعنى الحاجة الصرف والفقر المحض المرادف للحدوث الذاتي في الواقع. لا لأنّ أحدا من افلاطون و/ ٤٠MA / سقراط وأرسطو وامثالهم انكر الحدوث بهذا المعنى ، بل لأنه لمّا قال قوم من الدهرية والطباعية ـ خذلهم الله ـ بالقدم الذاتي لكثير من الموجودات واستغنائها بانفسها عن العلّة ـ كالدهر والجواهر الفردة والخلأ والاجسام الصغار الصلبة وغير ذلك ـ ، فكان بحثهم عن الحدوث واثباتهم له ردّا عليهم.
ومن المنكرين للحدوث الذاتي ولاحتياج الممكن إلى المؤثّر « ذيمقراطيس » واتباعه ، القائلون بأنّ وجود السموات بطريق البخت والاتفاق ؛ ولهم شكوك واهية نقلناها في المقدّمات وأجبنا عنها. وكان ارسطاطاليس كثيرا ما يخاصم اصحاب ذيمقراطيس ويبطل شكوكهم ويردّهم إلى الحقّ. فظهر ممّا ذكرناه أنّ الحدوث المتنازع فيه والمبحوث عنه بين الأقدمين يمكن أن يكون هو الحدوث الدهري ـ كما ذكره السيد الدّاماد (١) ـ ، ويمكن أن يكون هو الحدوث الذاتى ـ أعني : محض الفقر والحاجة ، كما ذكره
__________________
(١) قال المحقّق الداماد : فاذن قد استبان انّ حريم النزاع هو الحدوث الدهري لا غير. راجع : القبسات ، ص ٢٦.